وقع ذلك بالمدينة قبل أن يخرج أبو رافع في البعث، ويحتمل أن يكون وقع ذلك في مسافة دون القصر، وذلك فضلا عن كون ميمونة هي أم للمؤمنين، فهي أم لأبي رافع، وليس ذلك لغير أمهات المؤمنين، والله أعلم.
قال ابن خزيمة: «باب إباحة سفر المرأة مع عبد زوجها أو مولاه؛ إذا كان العبد أو المولى يوثق بدينه وأمانته، وإن لم يكن العبد أو المولى بمحرم للمرأة، إن كان حكم سائر النساء حكم أزواج النبي ﷺ، ولا إخال؛ لأن الله ﷿ أخبر أنهن أمهات المؤمنين، فجائز أن يكون العبد والأحرار محرما لأزواج النبي ﷺ، فكان سفر ميمونة مع أبي رافع: أن ميمونة أم أبي رافع؛ إذ كانت ميمونة زوجة النبي ﷺ».
• قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (١٣٧٥): «قال أحمد: لا تسافر سفرا وإن كان ساعة، في حديث ابن عباس ﵄: «لا تسافر سفرا»، وقال النبي ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم».
قال إسحاق: لا يكون سفرا إلا ثلاثة أيام فصاعدا سير المبطئ الماشي، ويوم للمسرع، وذلك ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي، فلا يدخل قوله ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة» في معنى السفر، لأن السفر لا يخلو من الناس والرفاق».
وقال في موضع آخر (٢٧٠٨): قلت: قوله ﷺ: «لا تسافر المرأة ساعة إلا مع ذي محرم»؟ قال: في حديث ابن عباس ﵄: «لا تسافر سفرا»، ولم يذكر يوما ولا ليلة، وقال النبي ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة».
قال إسحاق: ولا يكون سفرا أبدا قدر ساعة، إنما هو قدر ما تقصر فيه الصلاة، وما دون ذلك فهو مباح لها، وقوله ﷺ: «لا يخلون» ليس معناه السفر، هو كما قال».
وقال الترمذي في الجامع (١١٦٩): «وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم».
والعمل على هذا عند أهل العلم: يكرهون للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم.
واختلف أهل العلم في المرأة إذا كانت موسرة ولم يكن لها محرم، هل تحج؟
فقال بعض أهل العلم: لا يجب عليها الحج لأن المحرم من السبيل لقول الله ﷿: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، فقالوا: إذا لم يكن لها محرم فلا تستطيع إليه سبيلا، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة.
وقال بعض أهل العلم: إذا كان الطريق آمنا فإنها تخرج مع الناس في الحج، وهو قول مالك، والشافعي».
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ١٧٦): «ثبت أن رسول الله ﷺ قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها».
واختلفوا في وجوب الحج على المرأة التي لا محرم لها:
فقالت طائفة: المحرم من السبيل، منهم: النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور،