أم لا؟ والصحيح: أنه لا يضمن؛ لأن يده يد أمانة؛ إلا إذا فرط [انظر: ما أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٤١٨/ ٢١٦٧٦ - ٢١٦٧٨) (١٢/ ١٣٩/ ٢٣٠٤٢ - ٢٣٠٤٤ - ط الشثري)]. وانظر في اللقطة متى تضمن، ومتى لا تضمن: الأم (٥/ ١٤٣).
قال ابن المنذر في الأوسط (١١/ ٤٠٣) بعد ذكر اختلاف العلماء، وأن أكثرهم على عدم الضمان: «إذا أخذ اللقطة ليحفظها على ربها؛ فضاعت: فلا ضمان عليه، والقول في ذلك قوله إذا اختلفا، وإن أقر أنه أخذها ليذهب بها فضاعت، ضمن، لأن الأول: أمين، وغير جائز تضمينه، والثاني: عاص في فعله، آخذ لما ليس له».
مسألة: واختلفوا فيمن التقط لقطة، ثم ردها إلى مكانها:
قال الشافعي في الأم (٥/ ١٤٣): «وإذا وجد الرجل ضالة الإبل لم يكن له أخذها؛ فإن أخذها ثم أرسلها حيث وجدها فهلكت ضمن لصاحبها قيمتها».
وقال أيضا: «ومن التقط لقطة فاللقطة مباحة؛ فإن هلكت منه بلا تعد فليس بضامن لها، والقول قوله مع يمينه، وإذا التقطها ثم ردها في موضعها فضاعت فهو ضامن لها، وإن رآها فلم يأخذها فليس بضامن لها».
وذكر ابن المنذر قول الشافعي، ثم قال: «وبه نقول؛ لأنه حين أخذها وجب عليه حفظها على ربها ليؤديها إليه، وقد ثبت أن نبي الله ﷺ أمر بردها إلى صاحبها، ولم يأذن له في دفعها إلى غيره ولا تضييعها، فإذا وضعها حيث وجدها كان تضييعا لها، وضمن؛ لأنه المتلف لها دون غيره.
وفيه قول ثان: وهو ألا ضمان عليه، سئل مالك عن رجل التقط كساء وبين يديه رفقة فصاح بهم الكساء لكم؟ فقالوا: لا، فرده في موضعه. قال مالك: لا أرى عليه شيئا، وقد أحسن حين رده في موضعه، وقد احتج مالك بخبر روي عن عمر؛ أنه قال لرجل وجد بعيرا، قال: عرفه، قال: فعرفته فلم أجد أحدا يعرفه، فأتيته، فقلت: قد شغلني، قال: فأرسله حيث وجدته» [تقدم تخريجه قريبا، وهو صحيح عن عمر].
وقال ابن المنذر في موضع آخر (١١/ ٤١١) بعد أثر عمر: «وبه قال مالك، وقال الشافعي: لا يرسله، فإن فعل، ضمن». قال ابن المنذر: «من كان مذهبه اتباع الواحد من أصحاب النبي ﷺ إذا لم يجد له مخالفا، أخذ بقول عمر، ومن حمل الأشياء على النظر فيما لا كتاب فيه ولا سنة، أخذ بقول الشافعي، لأنه أشبه بالنظر».
وقد شرح أبو الوليد الباجي وفصل قول مالك، حيث قال في المنتقى (٦/ ١٣٥): «فإن أخذ اللقطة فإن ذلك لا يخلو من أحد وجهين:
أحدهما: أن يأخذها ولا يريد التقاطها، والثاني: أن يأخذها ملتقطا لها.
فأما الأول: فأن يجد ثوبا فيظنه لقوم بين يديه، فيأخذه، فيسألهم عنه، فلا يدعونه، فهذا الذي له رده حيث وجده، ولا ضمان عليه فيه، قاله ابن القاسم، ورواه ابن وهب عن