للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

محمود من صاحبه، وأنه في ذلك بخلاف الضال الذي جعله رسول الله بإيواء الضالة ضالاً».

وقال ابن المنذر: «وقال قائل: إذا وجد الرجل بعيراً ضالاً ضعيفاً لا يقدر على الوصول إلى الماء والكلأ؛ فله أن يأخذه ليحفظه على ربه، وليس هذا الذي نهاه النبي عن أخذه، لأنه نهى عن أخذ الذي يستقل بنفسه الذي يرد الماء ويأكل الكلا، فإن أخذه آخذ أو تلف من غير جناية فلا شيء عليه، والدليل على أن ذلك كذلك حديثه الآخر»، يعني: حديث زيد بن خالد هذا.

وقال الطحاوي (٤/ ١٣٦) بعد حديث عبد الله بن عمرو: «ففي هذا الحديث أيضاً إباحة أخذ الضوال التي قد يخاف عليها الضياع وحبسها له، فدل ذلك على أن معنى قول رسول الله : «إن ضالة المسلم أو المؤمن حرق النار»، وقول النبي : «لا يأوي أو يؤوي الضالة إلا ضال»؛ إنما أراد بذلك الإيواء الذي لا تعريف مع ذلك، والأخذ الذي لا تعريف مع ذلك أيضاً؛ اللذين هما ضد الحبس على صاحب الضوال، حتى يتفق معنى حديثنا هذا، ومعنى ذينك الحديثين، ولا يتضاد هذا الحديث وذينك الحديثين أيضاً، وفيما قد بين النبي في الإبل بقوله: «ما لك وما لها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ولا يخاف الذئب عليها»؛ دليل على أنه لم يطلق له أخذها لعدم الخوف عليها، وفي إباحته لأخذ الشاة لخوفه عليها من الذئب دليل على أن الناقة كذلك أيضاً؛ إذا خيف عليها من غير الذئب، وأن أخذها لصاحبها وحفظها على ربها أولى من تركها وذهابها».

قلت: وتبقى دلالة أحاديث المنع في شأن ضالة الإبل على إطلاقها؛ حتى يقوم السبب المبيح لالتقاطها خوفاً عليها من الهلاك والتلف ونحو ذلك، والله أعلم.

وقال ابن قدامة في المغني (٨/ ٣٤٦): «وإن وجدها في موضع يخاف عليها به، مثل أن يجدها بأرض مسبعة يغلب على الظن أن الأسد يفترسها إن تركت به، أو فرساً من دار الحرب، يخاف عليها من أهلها، أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين، كوادي التيم، أو في برية لا ماء بها ولا مرعى فالأولى جواز أخذها للحفظ، ولا ضمان على آخذها؛ لأن فيه إنقاذها من الهلاك، فأشبه تخليصها من غرق أو حريق، فإذا حصلت في يده، سلمها إلى نائب الإمام، وبرئ من ضمانها، ولا يملكها بالتعريف؛ لأن الشرع لم يرد بذلك فيها» [وانظر: الروايتين والوجهين (١٠٢)، الذخيرة للقرافي (٩/ ٩٨)].

ويظهر هذا المعنى في حديث سراقة بن جعشم:

رواه محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم [عبد الرحمن بن مالك بن مالك بن جعشم المدلجي: ثقة من الثالثة، أخرج له البخاري]، عن أبيه [مالك بن مالك بن جعشم المدلجي: له إدراك من الثانية، أخرج له البخاري، سمع أخاه سراقة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. الإصابة (٦/ ٢١٦)، التهذيب (٤/١٤) عن عمه سراقة بن جعشم قال: سألت رسول الله عن ضالة الإبل تغشى حياضي، قد

<<  <  ج: ص:  >  >>