عن الثوري، عن أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل؛ جاء سائل إلى النبي ﷺ، وفي البيت تمرة عائرة، فقال: «خذها، لو لم تأتها لأتتك».
أخرجه ابن حبان في روضة العقلاء (٤٩٦)، والبيهقي في القضاء والقدر (٢٤٠)، وعلقه الدارقطني في العلل (١٢/ ٤٤٧/ ٢٨٨٦)، ومال إلى تصويب المرسل. [الإتحاف (١٩/ ٥٨٦/ ٢٥٣٨٩)].
وهذا مرسل بإسناد جيد، وهو الصواب.
وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري فجعله من مسند ابن مسعود: ما أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/ ١٩٦) [والتبعة فيه على محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، وهو: لا بأس به، وله أوهام، وقد ضعفه بعضهم، وله أفراد لا يتابع عليها، فليس هو بالحافظ الذي يعتمد على حفظه. التهذيب (٣/ ٥٤١)، هدي الساري (٤٣٨)، الميزان (٣/ ٥١٢)، وقد تقدم الكلام عليه في فضل الرحيم الودود (٦/٤٧٥/٥٧٤)].
وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في موضع آخر من مسند ابن مسعود (٥/ ٢٨٣/ ٨٨٥)، وقال: «والمرسل أصح».
ونقل حرب عن أحمد: «وسئل: الرجل يصيب الشسع في الطريق أيأخذه؟ قال: إذا كان جيداً مما لا يُطرح مثله، فلا يعجبني أن يأخذه، وإن كان رديئاً قد طرحه صاحبه، فلا بأس» [الإنصاف (١٦/ ١٨٨)].
وقال أبو بكر ابن المنذر: «ثبت أن رسول الله الله قال في اللقطة: «اعرف عفاصها» ولم يخص لقطة دون لقطة، فالذي يجب على من التقط لقطة قلت أو كثرت أن يعرفها سنة؛ على ظاهر خبر زيد بن خالد».
فساقه ثم قال: «فقد أجاب النبي الله الأعرابي جواباً عاماً يقع على كل لقطة، قلت أو كثرت، وليس لأحد يستثني من أخبار رسول الله الله إلا بخبر مثله، ولا نعلم خبراً يوجب أن يستثني به من جملة هذا الخبر إلا خبر أنس»، يعني: في أكل التمرة المطروحة في الطريق، ثم قال: «فالتمرة مستثناة من جملة ما أمر الملتقط بتعريفه، وما له بقاء مما زاد على التمرة، وما له قيمة: يجب تعريفه على ظاهر خبر زيد بن خالد، والله أعلم.
واختلفوا في الرجل يلتقط ما لا يبقى إلى مدة التعريف.
فقيل: يعرفه؛ فإذا خاف عليه الفساد تصدق به، وقيل: أكله، واختلفوا: هل يضمن أم لا؟ والأشبه: أنه يضمنه ويغرمه إذا جاء صاحبه، والله أعلم [انظر: الأم (٥/ ١٤٣)].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ١٠٧): وأجمعوا أن اللقطة ما لم تكن تافهاً يسيراً، أو شيئاً لا بقاء له؛ فإنها تعرف حولاً كاملاً».
وقال ابن قدامة في المغني (٨/ ٢٩٦): «ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال: عطاء، وجابر بن زيد، وطاووس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك،