سئل يحيى بن معين عن المغيرة بن مسلم القسملي، فقال: «ما أنكر حديثه عن أبي الزبير» [سؤالات ابن الجنيد (٧٥٣)].
وقال النسائي في الفرائض من الكبرى (٦/ ١١٧/ ٦٣٢٥) في حديث: «الصبي إذا استهل»: «وعند المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير: غير حديث منكر».
ولما أخرج له النسائي في الكبرى (٧/٤٠/٧٤٢٥) حديثه عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ﷺ أنه قال: «لا قطع على مختلس»، قال: «المغيرة بن مسلم: ليس بالقوي في أبي الزبير، وعنده غير حديث منكر».
وليس له في الكتب الستة عن أبي الزبير عن جابر سوى هذين الحديثين المنكرين. لكن يمكن أن يقال: إنما قالا هذا فيما رواه مرفوعاً، مثل ما أنكر أحمد على المغيرة بن زياد ما تفرد برفعه، ويحتمل منهما الموقوف، فيكونا قد تتابعا على رواية الحديث عن أبي الزبير عن جابر موقوفاً، ومعناه صحيح، جاء عن بعض الصحابة، مثل: أم سلمة [يأتي ذكره بعد قليل].
• ورواه سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يرخصون من اللقطة في السير، والعصا، والسوط.
أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٤١٥/ ٢١٦٤٤) (١٢/ ١٣١/ ٢٣٠١١ - ط الشثري).
وهذا صحيح عن إبراهيم بن يزيد النخعي، وقوله: كانوا يرخصون، الأصل حمله على من يعتمد قولهم في ذلك وهم الصحابة، ممن شاهد التنزيل وعرف التأويل، وإليه المرجع في معرفة أحكام الشريعة، وبهذا يتفق ما رواه مع رواية جابر بن عبد الله الموقوفة، والله أعلم.
• وروى محمد بن إسماعيل الصائغ [صدوق]، قال: حدثنا شبابة [ثقة]، قال: حدثنا المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: بينما عمر في طريق بمكة إذ مر بجراب من سويق توطأه الإبل، فأخذه فرفعه بيده، وقال: لمن هذا؟ فلم يجد أحداً يعرفه، قال: فدعا بقدح فجعل فيه من ذلك السويق وشرب، ثم جعل يخرج إلى القوم، ويسقيهم حتى شربوا ما في الجراب أجمع، ثم قال: هذا خير من أن توطأه الإبل.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (١١/ ٣٧٩/ ٨٦٣٩).
وهذا موقوف بإسناد لا بأس به في المتابعات.
وهذا وإن كان مما تفرد به عن أبي الزبير عن جابر: المغيرة بن مسلم القسملي، وهو: صدوق، لكن أحاديثه عن أبي الزبير مستنكرة، تكلم ابن معين والنسائي في حديثه عن أبي الزبير [شرح علل الترمذي (٢/ ٧٩٤)]، كما تقدم بيانه، لكنه يحتمل لكونه موقوفاً، والمغيرة بن مسلم القسملي: صدوق في الأصل؛ إلا فيما تفرد برفعه عن أبي الزبير عن جابر، حيث أنكر النسائي عليه حديثين مرفوعين، وعبارة النسائي لا تدل على إنكار كل ما رواه عن أبي الزبير عن جابر، وإنما يقع المنكر في روايته الشيء بعد الشيء؛ لا أن كل