للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

فيها والانتفاع بها بعد تعريفها سنة، مع ضمانها إن جاء طالبها يوما من الدهر.

* وروى يوسف بن يزيد [أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل القراطيسي: ثقة]: حدثنا علي بن معبد [الرقي، نزيل مصر: ثقة فقيه]: حدثنا عبيد الله بن عمرو [الجزري الرقي: ثقة فقيه، كان راوية لزيد بن أبي أنيسة]، عن زيد بن أبي أنيسة [ثقة حافظ]، عن الحر بن الصياح، قال: بينا أنا جالس عند ابن عمر إذ جاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني قد وجدت هذا الثوب، وقد عرفته سنة، فلم أجد أحدا يعرفه، وهذا يوم التروية ويتفرق الناس، قال: عرفه في الموسم بعرفات حتى يصدر الناس، قال: أرأيت إن لم يعرفه، ماذا أصنع به؟ فقال له عبد الله بن عمر: قومه قيمة عدل، وتصدق به إن شئت، وأنت ضامن متى جاء صاحبه يطلبه، فإن أخذ منك ثمنه، فلك الأجر، وإن أحب أن يكون له أجره أمضاه لوجهه، وإن شئت قومته قيمة عدل ولبسته، وكنت له ضامنا متى جاء صاحبه يطلبه دفعت إليه قيمته، وإن لم يجئ له طالب، فهو لك إن شئت.

أخرجه الطحاوي في المشكل (١٢/ ١٢٩).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح غريب.

وفيه أنه خيره بين التصدق به، أو الانتفاع به، بعد أن عرفه سنة فلم يجد من يعرفه؛ مع ضمانه متى جاء صاحبه يطلبه.

وقد ثبت بأسانيد صحاح على شرط الشيخين، عن نافع، وسالم، وعبد الله بن دينار؛ أن ابن عمر كان يقول في اللقطة: «لا آمرك أن تأكلها، لو شئت لم تأخذها» [سيأتي ذكرها تحت الحديث رقم (١٧١٦)].

وحر بن الصياح الكوفي النخعي: ثقة، سمع ابن عمر [التاريخ الكبير (٣/ ٨١)، الجرح والتعديل (٣/ ٢٧٧)، التهذيب (١/ ٣٦٨)]، لكن قال أحمد في حديث رواه شريك، عن الحر بن صياح: رأيت ابن عمر يصوم عاشوراء، ورأيت ابن عمر يصوم العشر بمكة، قال أحمد: «حديث الحر بن صياح: حديث منكر، نافع أعلم بحديث ابن عمر منه» [مسائل ابن هانئ (٦٧٠)].

فيقال: لعل الوهم وقع فيه من شريك؛ فقد كان سيئ الحفظ، ويمكن الجمع بين ما ثبت عن ابن عمر من وجوه صحاح بعدم أكلها والإعراض عن التقاطها، وبين فتواه هنا لرجل من أهل الموسم بمكة، بعد أن التقطها وقام بتعريفها سنة، فخيره بين التصدق والانتفاع؛ باختلاف الحال، وأن الالتقاط والتعريف قد وقع بالفعل، فلا يمكن رده حينئذ، وقدم التصدق في تخييره، وأخر عنه الانتفاع، لكن أفتاه به لثبوته في السنة الصحيحة، وكذلك ثبوته عن أبيه عمر بن الخطاب في وقائع مختلفة لعدد من الصحابة، فلا يضرب هذا بهذا، لاسيما وأن المشهور عن ابن عمر هو المخالف للثابت في السنة الصحيحة، فقد قال النبي : «ثم كلها» [ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث بسر بن سعيد عن زيد بن خالد]، وهذا نص صريح في إباحة أكلها والانتفاع بها، بعد تعريفها سنة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>