ومائتي درهم، فأتيت بالظبية فصببتها بين يديه، فأخذ ألفا، ورد المائتين والقلبين، فعملت فيها حتى ربحت وتزوجت، وعادت إلي ما كانت، فتحرجت منها، فأتيت عمر بن الخطاب، فذكرت له ذلك، فقال: أما من رق الدنيا فقد عتقت، وأما أنت فاعمل فيها، وأشعها حولا، وأكثر ذكرها، فإن وجدت من يعرفها فادفعها إليه، وإلا فآذني على رأس الحول، فعرفتها حولا، فلم أجد من يعرفها، فأتيته فذكرت ذلك له، فأخذها مني، وقال: لك ما ربحت. لفظ يزيد بن هارون، ولم يذكر في رواية حماد سوى طرف المكاتبة والوضع منها.
أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (١٧/ ٢٨٦)، وابن المنذر في الأوسط (١١/ ٣٩٤/ ٨٦٦٧)[واللفظ له] و (١١/ ٤٧٠/ ٨٧١٦)، والبيهقي في السنن (١٠/ ٣٣٠)، وفي الخلافيات (٧/ ٥٦٣/ ٥٦٩٠).
وهذا أيضا منكر؛ لما سبق بيانه، وأبو سعيد مولى أبي أسيد لا يحتمل تفرده عن عمر بذلك، لاسيما وقد خالفه خمسة؛ أربعة منهم من الصحابة، وأحد المخضرمين المشهورين بالعلم والرواية، رووا عن عمر خلاف ذلك.
والأدلة الصحيحة من السنة الصحيحة المرفوعة والآثار الموقوفة تدل على خلاف ذلك، والفقهاء يرون استهلاك العبد للقطة قبل الحول تعديا [انظر: موطأ مالك (٢/ ٣٠٥/ ٢٢٠٧)، الأم للشافعي (٥/ ١٤٢)، زاد المسافر (٣/ ٣٨٠/ ٢٨٨٣)، وغيرها].
ز - وروى معمر بن راشد [ثقة]، عن ابن أبي نجيح [عبد الله بن أبي نجيح: مكي، ثقة، عن أبيه [يسار المكي، أبو نجيح: ثقة، من الثالثة، روى له مسلم والثلاثة]، قال: أحسبه عن عبيد بن عمير الليثي: مجمع على ثقته، ولد على عهد النبي ﷺ، وروايته عن عمر عند البخاري، وفي التاريخ الكبير (٥/ ٤٥٥): «سمع عمر»]؛ أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وجد جرابا فيه سويق، فأمره أن يعرفه ثلاثا، ثم أتاه، فقال: لم يعرفه أحد، فقال عمر: خذ يا غلام، هذا خير من أن يذهب به السباع، وتسفية الرياح. أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٤٣/ ١٨٦٣٩).
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إلا أن أبا نجيح شك فيه هل هو عن عبيد بن عمير، أم غيره، وهذا يضعف الاحتجاج به، لاسيما مع ثبوت التعريف حولا عن عمر، وتقييد التعريف بثلاثة أيام جاء عنه بقيد أبواب المساجد، كما في رواية عبد الله بن بدر الجهني:«انشدها الآن على باب المسجد ثلاثة أيام، ثم عرفها سنة»، وقيد الأيام الثلاثة هنا ليس له مفهوم، سوى أنه يبدأ بتعريفها في المجامع العامة التي يغلب على ظنه وجود صاحبها فيهم، والثابت عنه: أنه إنما أجاز التصرف في اللقطة بالتملك أو الصدقة بعد سنة من تعريفها، كما تقدم بيانه قريبا، لكن يمكن أن يقال: هذا في السويق والطعام الذي يخشى فساده، فإن كان غير ذي قيمة، بحيث لا يسأل عنه صاحبه، فمثله يؤكل في الحال، أو كان ذا قيمة: فيؤكل أو يباع؛ مع ضمان قيمته إن جاء صاحبه يسأل عنه، فلو فرضنا ثبوت هذا؛