مالكاً قد أخرج له في موطئه، وهذا توثيق له، وقد سبق بيان أن مالكاً هو الحجة في أهل المدينة، وأن من أخرج له مالك في موطئه فهو ثقة عنده، وقد كان مالك من أشد الناس انتقاداً للرجال، فقد سأل بشر بن عمر الزهراني مالك بن أنس عن رجل، فقال:«هل رأيته في كتبي؟»، قال: لا، قال:«لو كان ثقة لرأيته في كتبي»، وفي رواية: «أترى في كتبي عنه شيئاً؟ لو كنتُ أرضاه رأيت في كتبي عنه، وقد سبق تقرير هذا القول، ونقل كلام أهل العلم فيه تحت شواهد الحديث السابق برقم (٦٢٣) [طبقات ابن سعد (٥/ ٣٤١)، التاريخ الكبير (٧/ ٣٣١)، الجرح والتعديل (٨/ ٣٧٧)، الثقات (٥/ ٤١٤)، التعجيل (١٠٤٦)].
وعبد الله بن بدر الجهني المديني له صحبة [التاريخ الكبير (٥/٢٣)، الجرح والتعديل (٥/١١)، الثقات (٣/ ٢٣٩)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (٣/ ١٥٩٦)، الاستيعاب (٣/ ٨٧١)، الإصابة (٤/١٧)].
ويستفاد من قول عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يقدم من الشام سنةً، فإذا مضت السنة، فشأنك بها».
وجوب التعريف سنة، وأنه لا يجوز له تملكها ولا التصرف فيها قبل مضي سنة على تعريفها، وأن التعريف يقع على أبواب المساجد، وفي الأماكن العامة القريبة من موضع التقاطها، لذا أمره بتعريفها للقادمين من الشام حيث وجدها في طريقهم.
ب - ورواه ابن جريج [مكي، ثقة حافظ]، قال: أخبرني إسماعيل بن أمية [مكي، ثقة ثبت]، أن معاوية بن عبد الله بن بدر - من جهينة -[قال: وقد سمعت لعبد الله صحبة للنبي ﷺ] أخبره أن أباه عبد الله أقبل من الشام، فوجد صرة فيها ذهب مئة في متاع ركب، قد عفت عليه الرياح، فأخذها، فجاء بها عمر، فقال له عمر: انشدها الآن على باب المسجد ثلاثة أيام، ثم عرفها سنة، فإن اعترفت، وإلا فهي لك، قال: ففعلت فلم تعترف، فقسمتها بيني وبين امرأتين لي.
أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٣٦/ ١٨٦١٩).
وهذا موقوف على عمر بإسناد صحيح، وقيد الأيام الثلاثة هنا ليس له مفهوم، سوى أنه يبدأ بتعريفها في المجامع العامة التي يغلب على ظنه وجود صاحبها فيهم، والأقرب هنا للقادمين من الشام اجتماعهم في مسجد رسول الله ﷺ بعد وصولهم، والدليل على أن لا مفهوم لهذا العدد: قوله: انشدها الآن، يعني فور وصولك، فقد تجد صاحبها ممن صلى معنا بالمسجد، وأنه لم يكتف بهذه الثلاثة، وإنما أمره بإتمام تعريفها إلى تمام السنة؛ فدخلت الثلاثة في السنة، فلم يعد لها معنى عاماً في توقيت التعريف باللقطة، سوى المعنى الخاص الذي أراده عمر بإدراك صاحبها قبل خروجه إلى بلده، والله أعلم.
* قصر به معمر فأرسله [أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٣٦/ ١٨٦٢٠)].
ج - وروى الليث بن سعد [ثقة حجة، إمام فقيه][وعنه: عبد الله بن صالح، كاتب الليث، وهو: صدوق يهم، وكانت فيه غفلة] عن إسماعيل بن أمية [ثقة ثبت]، عن