فلم يصب في ذلك؛ حيث قد تابع حماد بن سلمة عليه ثقات أثبات: فقد أتى بها في حديثه عن سلمة بن كهيل: سفيان الثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وسعد بن إبراهيم الزهري؛ فهي زيادة محفوظة، وقد أشار مسلم في صحيحه إلى ذلك بذكر ثلاثة تتابعوا عليها.
قال ابن حجر في الفتح (٥/ ٧٨): «وأما قول أبي داود: إن هذه الزيادة زادها حماد بن سلمة، وهي غير محفوظة، فتمسك بها من حاول تضعيفها فلم يصب، بل هي صحيحة، وقد عرفت من وافق حماداً عليها، وليست شاذة».
• وأما قول حماد في آخره:«إلا فهي لك»، فهي موافقة لرواية الثوري:«فهي كسبيل مالك»، تدل على جواز تملك اللقطة بعد تعريفها حولاً، وأنه لم يؤمر بالتصدق بها، بل أبيح له تملكها والانتفاع بها.
وقد وهم حماد بن سلمة في جعل واقعة الالتقاط في الحج؛ إنما وقعت في رواية الأثبات في الغزو، وسبق التنبيه عليه.
• ورواه حجين بن المثنى [ثقة، روى له الشيخان]، قال: حدثنا عبد العزيز [عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون: مدني ثقة فقيه]، عن عبد الله بن الفضل [عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي: مدني ثقة، من الرابعة، سمع أنس بن مالك، وروايته عنه في صحيح البخاري (٤٩٠٦)]، عن سلمة بن كهيل، قال: كان سويد بن غفلة، وزيد بن صوحان، وثالث معهما في سفر، فوجد أحدهما سوطاً، فأخذه، فقال له صاحباه: ألقه، فقال: أستمتع به فإن جاء صاحبه أديته إليه خير من أن أتركه لتأكله السباع، فلقي أبي بن كعب، فذكر ذلك له، فقال: أصبت وأخطأ، فقال أبي بن كعب وجدت مائة دينار في زمن رسول الله ﷺ فجئت بها إليه، فقال:«عرفها عاماً»، فعرفتها فلم تعرف فرجعت، فقال:«عرفها عاماً، عرفها عاماً»، مرتين أو ثلاثاً، ثم قال رسول الله ﷺ:«اعرف عدتها، ووعاءها، ووكاءها، واخلطها لمالك، فإن جاء ربها، فأدها إليه».
أخرجه النسائي في كتاب اللقطة من الكبرى (٥/ ٣٤٩/ ٥٧٨٩)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (٣٤٥)، والطبراني في الأوسط (٨/٩/٧٧٩٥). [التحفة (٢٨)، المسند المصنف (٣٦)].
وهذا حديث ثابت موصول، قصر به راويه فجعله في صورة المرسل، ولم يسنده عن سويد بن غفلة، وقد سمعه سلمة بن كهيل من سويد، كما رواه عنه جماعة من الأثبات، ثم إنه لم يضبط حكاية الواقعة، وأنها قد وقعت لسويد بن غفلة، وأنه هو الذي سأل أبي بن كعب عن حكم اللقطة، ولم يسم الثالث، وهو: سلمان بن ربيعة، وهذه المتابعة رجالها ثقات، وهي في الجملة متابعة صالحة، والعمدة على ما تقدم، ويقال فيما وقع فيها من الوهم، كما تقدم بيانه، والله أعلم.