للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

حكماً بين أصحابه، وهذا السياق هو الذي يمكن حمله على المعنى المذكور، وهو أن التعريف إنما وقع في حول واحد؛ إلا أن الأمر به تكرر ثلاثاً في نفس الحول، والله أعلم.

وسياق مسلم يدل على هذا؛ فإن مسلماً بدأ الباب بحديث زيد بن خالد الجهني المتفق عليه [يأتي برقم (١٧٠٤) وفيه: «عرفها سنة»، ولم يختلف عليه في هذا الحرف، ثم ثنى بحديث أبي بن كعب هذا، ولم يخرج الحديث بتمامه إلا من حديث شعبة من رواية غندر عنه، فبدأ بها وأخرج الحديث بلفظه تاماً، وسياقه موافق للتأويل المذكور، وهو أن أُبياً أمر بالتعريف سنة، لكنه راجع النبي في أثناء الحول ثلاث مرات، وفي كل مرة يأمره بالتعريف حولاً، يعني: يأمره بإتمام الحول في تعريف اللقطة، ثم عقبه برواية بهز عن شعبة، ولم يسق لفظه بتمامه، وقد اشتملت روايته على الجزم بأنه عرفها عاماً واحداً، فعاد حديث أبي إلى حديث زيد بن خالد في التعريف سنة واحدة، ثم أجمل حديث البقية: الأعمش، وسفيان الثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وحماد بن سلمة، عن سلمة بن كهيل، ولم يسق لفظ أحد منهم بتمامه، سوى ذكر بعض مواضع الاختلاف مع حديث شعبة، والله أعلم.

* ذكر من قال بذلك من أهل العلم:

• قال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (٩٨٠) نقلاً عن أحمد: «اللقطة تعرف سنة، قلت: حديث أبي: ثلاث سنين؟ قال: هذا يُختلف فيه عن سلمة بن كهيل».

وقال الخطابي في أعلام الحديث (٢/ ١٢١٥): «وقوله: ثم أتيته الرابعة، يشبه أن يكون وهماً؛ ألا ترى أن الراوي يشك فيه: فقال: لا أدري ثلاثة أو حولاً، وفي سائر الروايات إنما هو حول واحد، وعليه العمل عند عامة العلماء».

وقال في المعالم (٢/ ٨٥): «وقد اختلفت هذه الرواية في تحديد المدة، فقال فيها: لا أدري قالها مرة أو ثلاثاً، وجاء في خبر زيد بن خالد الجهني عن رسول الله : عرفها حولاً واحداً من غير شك فيه، وهو مذهب عامة الفقهاء».

وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (٦/ ٥٤٦): «هذا الحديث لم يقل بظاهره أحد من أئمة الفتوى؛ أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام، لأن سويد بن غفلة قد وقف عليه أبي بن كعب مرة أخرى حين لقيه بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أم حولاً واحداً [قلت: إنما وقع الشك من سلمة بن كهيل، كما رواه عنه شعبة، وتقدم بيانه]، وهذا الشك يوجب سقوط التعريف ثلاثة أحوال، ولا يحفظ عن أحد قال ذلك؛ إلا رواية جاءت عن عمر بن الخطاب، ذكرها عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: وجد سفيان بن عبد الله الثقفي عيبة فيها مال عظيم … »، فذكره [وهو عند عبد الرزاق في المصنف (١٠/ ١٨٦١٨/ ١٣٥)، ولا يثبت]، ثم قال: «وقد روي عن عمر بن الخطاب؛ أن اللقطة تعرف سنة، مثل قول الجماعة، وممن روي عنه أنها تعرف سنة: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، وإليه ذهب مالك، والكوفيون، والشافعي، وأحمد بن حنبل، واحتجوا بحديث زيد بن خالد الجهني».

<<  <  ج: ص:  >  >>