وفي رواية أبي النضر [عند الشاشي]: قال سلمة بن كهيل: لا أدري «عَرَّفها حَولاً» هذا إلى ثلاثة أحوال، أو في الحول [وهذا يحتمل ثبوت الأمر ثلاث مرات، لكن وقعت الثلاث في حول واحد، كما تدل عليه أيضاً رواية يحيى القطان وبشر بن عمر].
وفي آخر رواية بهز [عند مسلم، والنسائي]: قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين، يقول: عرفها عاماً واحداً. وهذا يؤيد قول الثلاثة السابقين: القطان، وبشر، وأبي النضر؛ أن الأمر بالتعريف وقع ثلاثاً لكن في عام واحد.
وساق الطيالسي القصة بنحو رواية غندر، وقال: فقال: «عَرِّفها حَولاً»، فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثلاث مرات، فقال:«احفظ عددها، ووكاءها، ووعاءها؛ فإن جاء صاحبها؛ وإلا فاستمتع بها»، قال: فاستمتعت بها. قال شعبة: فلقيت سلمة بعد ذلك، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولاً واحداً، فأعجبني هذا الحديث، فقلت لأبي صادق: تعال فاسمعه منه. وقصة أبي صادق هذه ذكرها أيضاً: عمرو بن مرزوق. ولفظ الطيالسي [عند الطحاوي]: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت سويد بن غفلة، قال: خرجت حاجاً، فأصبت سوطاً، فأخذته، فقال زيد بن صوحان: دعه، فقلت: لا أدعه للسباع، لآخذنه فلأنتفع به، فلقيت أبي بن كعب، فذكرت ذلك له، فقال: أحسنت، إني وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله ﷺ، فأتيت رسول الله ﷺ، فذكرت ذلك له، فقال:«عَرِّفها حَولاً»، فعرفتها حَولاً، فلم أجد من يعرفها، فأتيت النبي ﷺ، فقال:«عَرِّفها حَولاً»، فعرفتها حَولاً، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته الثالثة، فقال:«عَرِّفها حَولاً»، فعرفتها حَولاً، فلم أجد من يعرفها، فقال:«احفظ عددها، ووعاءها، [وعفاصها، ووكاءها]، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها».
قال شعبة: ثم إن سلمة بن كهيل شك في ذلك، لا يدري أثلاثة أعوام قال في الحديث، أو عاماً واحداً؟ قال سلمة بن كهيل: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لأبي صادق ذلك، فقال أبو صادق: وقد سمعت أنا ذلك الحديث أيضاً من أبي بن كعب، كما قد سمعه سويد بن غفلة من أبي بن كعب سواء.
رواه عن أبي داود الطيالسي بهذا السياق: أبو بكرة بكار بن قتيبة الثقفي البكراوي البصري، قاضي مصر ومحدثها: صدوق، مصنف، وثقه مسلمة بن قاسم، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه: أبو عوانة وأكثر عنه في صحيحه، وكذلك روى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين منهم: ابن خزيمة وابن المنذر والطحاوي وأكثر عنه جداً، وله مناقب كثيرة [أخبار القضاة (٣/ ٢٤١)، الثقات (٨/ ١٥٢)، فتح الباب (١٢٠٨)، تاريخ دمشق (١٠/ ٣٦٨)، الأنساب (١/ ٣٨٤)، السير (١٢/ ٥٩٩)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٧٠)، رفع الإصر (٩٨)، مغاني الأخيار (١/ ٨٧)، الثقات لابن قطلوبغا (٣/ ٦٨)].
وقول سويد هنا:«لا أدعه للسباع، لأخذنه فلأنتفع به»، لم ينفرد به الطيالسي،