قال أبي: الأعمش أحفظهم، والحديث يحتمل أن يكون مرفوعاً، وأنا أخشى أن لا يكون سمع الأعمش من مجاهد، إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلس [علل الحديث (٢١١٩)].
• قلت: العمدة في اتصال هذا الإسناد، وفي رفعه: على رواية فطر بن خليفة [وهو: ثقة]، وعلى رواية الحسن بن عمرو الفقيمي [وهو: ثقة ثبت].
وقد تقدم الكلام على سماع الأعمش من مجاهد في فضل الرحيم الودود (٥/ ٤٦٤/ ٤٨٩)، والضابط فيه: أن نقبل ما صرح فيه الأعمش بالسماع من مجاهد - من طريق صحيح ثابت عنه -، وطرح ما سوى ذلك؛ فإنه مما دلسه ولم يسمعه من مجاهد؛ فإنه لا يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، لا يثبت منها إلا ما قال فيها:«سمعت»، فهو قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد: مدلس عن الضعفاء والمتروكين.
• ولهذا الحديث طرق كثيرة:
١ - فقد رواه عبد الرزاق بن همام، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد [وهم ثقات، من أصحاب الثوري]:
أخبرنا سفيان [يعني: الثوري]، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النبي ﷺ: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها».
أخرجه أحمد (٢/ ١٩٠)، والنسائي في الرابع من الإغراب (٤٣)، والطبراني في الكبير (١٣/ ٤٤٨/ ١٤٣٠٤). [الإتحاف (٩/ ٦١٨/ ١٢٠٦٧)، المسند المصنف (١٧/ ٣٣٥/ ٨١٦٦)].
وهو حديث صحيح.
٢ - ورواه محمد بن عمرو اليافعي [لا بأس به. التهذيب (٣/ ٦٦٥)، وعنه: عبد الله بن وهب]، عن سفيان الثوري، عن فطر بن خليفة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله ﵇: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها».
أخرجه ابن وهب في الجامع (٩٧)، ومن طريقه: أبو الشيخ في طبقات المحدثين (٣/ ٤٦١)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (١١٥)(٧٣٠ - المخلصيات)، والشجري في الأمالي الخميسية (٢٠٢٧ - ترتيبه).
وهو حديث صحيح.
• خالف أصحاب الثوري، فوهم في إسناده:
سلمة بن الفضل [الأبرش الرازي: ثبت في ابن إسحاق، وفي غيره يخطئ ويخالف، وعنده غرائب ومناكير. التهذيب (٢/ ٧٦)]، فرواه عن سفيان الثوري، عن زبيد، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله ﷺ قال: … فذكر مثله.