فيه فأرسله، كما رواه عنه بلديه المدني؛ إسماعيل بن جعفر، ثم بعد ذلك طال به الزمن فنسي، وجعل يرويه بلزوم الطريق المعهودة عنده: عن أبي سلمة عن أبي هريرة، لا سيما وقد تكلم النقاد في حفظ محمد بن عمرو بن علقمة المدني، وأنه كان إذا اشتبه عليه الحديث جعله: عن أبي سلمة عن أبي هريرة، يضاف إلى ذلك: أن متنه لا يشبه متن حديث أبي هريرة، وإنما يشبه متن حديث عبد الرحمن بن عوف، والله أعلم.
ثم وقفت بعد ذلك على جزم الإمام علي بن المديني بتخطئة حديث الجماعة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة:
قال ابن المديني في العلل (١٣٦): «حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: «إن الرحم شجنة من الرحمن» رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ وهو عندي خطأ لا شك فيه؛ لأن الزهري رواه عن أبي سلمة، عن أبي رداد الليثي، عن عبد الرحمن بن عوف، وهو عندي الصواب».
د - ورواه يونس بن بكير [كوفي صدوق، تكلم الناس فيه صاحب غرائب]، قال: حدثني ابن إسحاق [مدني، صدوق]، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر [عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري: مدني، ثقة، من الخامسة]، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن [يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة: مدني، ثقة، من الرابعة، عن ابن حزم، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الرحم شجنة آخذة بحقو الرحمن يوم القيامة، تقول: اللَّهُمَّ صِل من وصلني، واقطع من قطعني».
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١٨٣ - الجزء المفقود).
قلت: عمارة بن عمرو بن حزم، الأنصاري النجاري المدني: سمع أبي بن كعب، وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديث: إذا بقيت في حثالة من الناس [عند أبي داود (٤٣٤٢)، وابن ماجه (٣٩٥٧)، والحاكم (٢/ ١٥٩) و (٤/ ٤٣٥)، وأحمد (٢/ ٢٢١)، وغيرهم. ولا يُعرف لعمارة سماع من عبد الله بن عمرو؛ إلا في بعض الطرق التي لا تثبت. وانظر: علل ابن أبي حاتم (٢٧٨٠)، لكن الحديث صحيح ثابت له طرق عن عبد الله بن عمرو، وأصله في صحيح البخاري (٤٧٨ - ٤٨٠)، وقد صححه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٣٣)، راجع: شرحي على كتاب الإيمان من صحيح مسلم (٤٩ و ٥٠)]، وقد روى عنه تابعيان مدنيان يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة التابعي المدني، وأبو حازم سلمة بن دينار التابعي المدني صاحب سهل بن سعد وقال العجلي:«مدني تابعي ثقة»، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عساكر:«ووفد على معاوية مع أخيه محمد بن عمرو» التاريخ الكبير (٦/ ٤٩٧)، معرفة الثقات (١٣٢٨)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٦٦)، الثقات (٥/ ٢٤١)، المؤتلف للدارقطني (٢/ ٦٤٦)، تاريخ دمشق (٤٣/ ٣١٧)، إكمال مغلطاي (١٠/٢٠)، التهذيب (٣/ ٢١٢)]؛ قلت: فمثله يصحح حديثه، لا سيما وحديثه عن عبد الله بن عمرو حديث صحيح، ورواية أهل المدينة