وأما مال العبد: فيدخل في قوله: ﴿بُيُوتِكُمْ﴾ [النور: ٦١] لأن العبد وماله ملك للسيد».
ولمزيد البيان والإيضاح لهذه المسألة، أسوق ما سبق تقريره في الحق الزائد على الزكاة المفروضة، وذلك تحت الحديث السابق برقم (١٦٦٤) في باب حقوق المال (١٦٥٧ - ١٦٦٤):
• ويمكن حمل هذه الأحاديث وما كان في معناها في الحث على الصدقة، وأن الغني لا ينبغي له أن يقتصر على الزكاة المفروضة؛ بل ينفق من ماله ما يرفع به درجته يوم القيامة؛ فإن صادف ذا حاجة أو من نزلت به نازلة، وجب عليه أن يقوم به، حتى يقضي له حاجته، ويدفع عنه كربته؛ ولا يقول: قد أديت زكاة مالي، فلا يلحقني في هذا إثم لو تركته، فإن مات بإهماله، أو أصابه عاهة، أو عجز أبد الدهر؛ فمن يحمل التبعة؟ كمثل من يرى الغريق يغرق وهو قادر على انتشاله من الماء وإنقاذه، لكنه وقف ينظر إليه حتى غرق؛ فمن يحمل تبعته؟ أو كمن يرى أعمى يمر بطريق مهلكة ثم لا يأخذ بيده؛ ويتركه حتى يهلك أمام عينه؛ فمن يحمل تبعته؟
وبهذا يفهم المراد من أحاديث الباب:
مثل حديث أبي هريرة عند الشيخين:«من حقها حلبها يوم وردها»، وفي رواية:«ومن حقها أن تحلب على الماء».
وحديث جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ، قال:«ما من صاحب إبل، ولا بقر، ولا غنم، لا يؤدي حقها، إلا أُقْعِدَ لها يوم القيامة بقاع قرقر، تطؤه ذات الظلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن».
قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال:«إطراقُ فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل الله … » الحديث.
وحديث أبي سعيد ﵁، قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فسأله عن الهجرة، فقال:«ويحك! إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل؟»، قال: نعم، قال:«فتعطي صدقتها؟»، قال: نعم، قال: فهل تمنح منها؟ قال: نعم، قال:«فتحلبها يوم وُرُودها؟»، قال: نعم، قال:«فاعمل من وراء البحار، فإن الله لن يترك من عملك شيئاً».
وحديث جابر بن عبد الله؛ أن النبي ﷺ أمر من كُلِّ جَادٍ عشرة أوسق من التمر، بقنو يُعلَّق في المسجد للمساكين.
وحديث أبي سعيد الخدري، مرفوعاً:«من كان عنده فَضلُ ظَهرٍ، فليعد به على مَنْ لا ظهر له، ومن كان عنده فَضلُ زادٍ، فليعد به على من لا زاد له»؛ حتى ظننا أنه لا حق لأحدٍ منا في الفضل.
وحديث عقبة بن عامر، أنه قال: قلنا: يا رسول الله، إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا، فما ترى؟ فقال لنا رسول الله ﷺ: «إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف،