للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والخازن، وبين حديث أبي هريرة: «فله نصف أجره»، قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٠٤): «وله مثله: أي مثل أجرها، وللخازن مثل ذلك؛ أي: بالشروط المذكورة في حديث أبي موسى، وظاهره يقتضي تساويهم في الأجر، ويحتمل أن يكون المراد بالمثل: حصول الأجر في الجملة، وإن كان أجر الكاسب أوفر؛ لكن التعبير في حديث أبي هريرة الذي ذكرته بقوله: فلها نصف أجره [سبق بيان أن المحفوظ: فله نصف أجره؛ يعني: للزوج]، يشعر بالتساوي، وقد سبق قبل بستة أبواب من طريق جرير أيضاً، وزاد في آخره: لا ينقص بعضهم أجر بعض، والمراد: عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر، ويحتمل أن يراد: مساواة بعضهم بعضاً، والله أعلم».

قلت: ويحتمل أيضاً ما سبق بيانه عند حديث أبي هريرة: أن ما أنفقت المرأة بأمر زوجها فله أجره كاملاً، مثل أجرها، وما لم يأمرها فله نصف أجره، لكن مع وجود الإذن العام أو الإذن العرفي؛ في التصرف في الشيء اليسير: من إطعام جائع وإكرام ضيف ونحو ذلك، مما هو موضوع تحت تصرفها، وذلك يشعر به قوله في حديث أبي هريرة: «من غير أمره»، وقد تقدم بيانه في موضعه. [انظر: الحلل الإبريزية (٢/ ١٩٠)].

وانظر أيضاً: إكمال المعلم (٣/ ٥٥٠)، المغني لابن قدامة (٤/ ٣٥٠).

• وننقل هنا للفائدة كلام ابن العربي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ الآية [النور: ٦١].

قال ابن العربي في أحكام القرآن (٣/ ٤٢٤): «وليس عليكم حرج في أن تأكلوا من بيوتكم؛ فهذا معنى صحيح، وتفسير مفيد، لا يفتقر في تفسير الآية إلى نقل، ويعضده الشرع والعقل؛ فأما الأكل من مال الأزواج: فذلك جائز للزوجة فيما ليس بمحجوب عنها، ولا محرز منها، قال النبي : «إذا أنفقت المرأة من مال زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، وللزوج مثل ذلك»، وأما ما كان محرزاً عنها فلا سبيل لها إليه.

وكذلك الزوج: يأكل من مال زوجه غير مفسد، لكن الزوجة أبسط، لما لها من حق النفقة، ولما يلزمها من خدمة المنفعة.

وأما بيت الابن: فقد تقدم أنه كبيت المرء نفسه، لكن كما بيناه فيما كان غير محرز، فلا يتبسط الأب على الابن في هتك حرز وأخذ مال؛ وإنما يأكله مسترسلاً فيما لم يقع فيه حيازة، ولكن بالمعروف دون فساد ولا استغنام.

وأما بيت الأب للابن: فمثله، ولكن تبسط الابن أقل من تبسط الأب، كما كان تبسط الزوج أقل من تبسط الزوجة.

وأما بيوت سائر القرابة: الذين ذكروا في الآية؛ فلا يلحق بذلك ولا سبيل إليه.

وأما بيت ملكتم مفاتحه: فهو الوكيل، قال النبي: «الخازن الأمين الذي يعطي ما أمر كاملاً موفراً طيبةً به نفسه؛ أحد المتصدقين»، ولا بد للخازن من أن يأكل مما يخزن إجماعاً، وهذا إذا لم تكن له أجرة، فإن استأجره على الخزن حرم الأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>