للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فعلا ذلك، وحديث عائشة خارج على عادة أهل الحجاز، أنهم يطلقون الأمر للأهل والخادم، في الإنفاق والتصدق مما يكون في البيت إذا حضرهم السائل، أو نزل بهم الضيف، فحضهم على لزوم تلك العادة، كما قال لأسماء: «لا توعي فيوعى عليك»، وعلى هذا يخرج ما روي عن عمير مولى أبي اللحم، قال: كنت مملوكاً، فسألت رسول الله : أتصدق من مال موالي بشيء؟ قال: «نعم، والأجر بينكما نصفان». اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني (٤/ ٣٤٩): «فصل: وهل يجوز للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشيء اليسير، بغير إذنه؟ على روايتين؛ إحداهما: الجواز، … »، واحتج بأحاديث الباب، ثم ذكر القول الثاني بعدم الجواز، واستدل بحديث أبي أمامة، وأحاديث المنع من التصرف بمال الغير إلا إذنه، ثم رجح الأول، وقال: «والأول أصح؛ لأن الأحاديث فيها خاصة صحيحة، والخاص يقدم على العام ويبينه، … ، والحديث الخاص لهذه الرواية: ضعيف، ولا يصح قياس المرأة على غيرها؛ لأنها بحكم العادة تتصرف في مال زوجها، وتتبسط فيه، وتتصدق منه، لحضورها وغيبته، والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي فصار كأنه قال لها: افعلي هذا، فإن منعها ذلك، وقال: لا تتصدقي بشيء، ولا تتبرعي من مالي بقليل ولا كثير؛ لم يجز لها ذلك؛ لأن المنع الصريح نفي للإذن العرفي» [وانظر: شرح منتهى الإرادات (٢/ ١٨٤)، كشاف القناع (٣/ ٤٦٠)].

وقال الذهبي في تهذيب السنن الكبير للبيهقي (٣/ ١٥٥٨) تعقيباً على كلام البيهقي على قول أبي هريرة: «قلت: بل الظاهر أنه أراد الإذن لها في الصدقة، مما يقتاتونه من المطبوخ والمخبوز، وهو الطعام الرطب، دون ما في البيت من مثل العسل والزيت والجبن مما يدخر، فإن ذلك مال؛ فإن أبا هريرة قال: والأجر بينهما، فأما قوتها التي تأخذه من زوجها بالفرض ثم تؤثر منه؛ فإن الأجر لها وحدها»، كذا قال، وظاهر حديث عائشة يرده.

ومما قيل أيضاً في معنى أحاديث الباب: أن المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها: فمنهم من أجازه لكن في الشيء اليسير، الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان، ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، وهو اختيار البخاري، ويحتمل أن يكون ذلك محمولاً على العادة، وأما التقييد بغير الإفساد فمتفق عليه. [انظر: الفتح لابن حجر (٣/ ٣٠٣)].

وأما ابن حزم فقد سلك مسلكاً آخر، حيث قال بظاهر حديث أسماء وعائشة وأبي هريرة، وضعف حديث أبي أمامة، فقال في المحلى (٧/ ١٩٢): «وللمرأة حق زائد، وهو أن لها أن تتصدق من مال زوجها أحب أم كره، وبغير إذنه غير مفسدة، وهي مأجورة بذلك، ولا يجوز له أن يتصدق من مالها بشيء أصلاً إلا بإذنها» [وانظر أيضاً: المحلى (٩/ ٢٢٦)]

• وأما ما يتعلق بالجمع بين الروايات في مثلية الأجر للجميع: المرأة والزوج

<<  <  ج: ص:  >  >>