قلت: حبيب بن أبي ثابت: ثقة فقيه جليل، لكن قد وقع له بعض الأوهام، وقد تقدم معنا لحبيب بن أبي ثابت من الأوهام: حديث القبلة وحديث المستحاضة، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، بل وأخطأ فيهما أيضاً على عروة [راجع: حديث القبلة في فضل الرحيم الودود (٢/ ٣٢٠/ ١٨٠)، وحديث المستحاضة في فضل الرحيم الودود (٣/ ٣٧١/ ٢٩٨)]، وحديثه عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لَهُنَّ»، وهو حديث شاذ [راجع: فضل الرحيم الودود (٦/ ٤٠٣/ ٥٦٧)]، وحديثه عن طاووس عن ابن عباس في صلاة الكسوف، وهو حديث خطأ، أخطأ فيه حبيب فجعل في كل ركعة أربع ركوعات [تقدم برقم (١١٨٣)]، وحديثه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله ﷺ بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر، حيث أخطأ في قوله: ولا مطر، والمحفوظ: ولا سفر [تقدم برقم (١٢١١)].
ويحتمل أن يكون حبيب بن أبي ثابت قد أُتي في هذا الحديث من قبل التدليس؛ فإنه لم يذكر سماعاً في هذا الحديث، وحبيب: معدود في المدلسين، فقد روى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: «لو أن رجلاً حدثني عنك، ما باليت أن أرويه عنك»، وقد وصفه بالتدليس: ابن خزيمة، وقال بعد أن روى قول حبيب هذا في التوحيد:«يريد: لم أبال أن أدلسه»، وظاهر كلامه في صحيحه يدل على أنه لا يحتج بحديث حبيب، حتى يصرح بالسماع في كل حديث حديث، ووصفه بالتدليس أيضاً: ابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وقد سبق أن فصلت الكلام عن تدليس حبيب عند الحديث رقم (٥٦٧)، وقد تقدم معنا أيضاً لحبيب حديث القبلة (١٨٠)، وحديث المستحاضة (٢٩٨)، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، كذلك فإن حبيباً يروي عن مسروق بواسطة أبي الضحى، يروي عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، والله أعلم.
والحاصل: فقد قصر به حبيب فأوقفه، ولم يضبط متنه، ولا يبعد أن يكون قد دلسه، والله أعلم.
وأبو الزبير المكي من أقران حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وفي تفرده عنه دون بقية أصحابه الثقات المكثرين عنه غرابة، والله أعلم.
٢ - ورواه النضر بن شميل، وغندر محمد بن جعفر، وعلي بن الجعد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعاصم بن علي [وهم ثقات]:
نا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي وائل، عن عائشة، عن رسول الله ﷺ، قال:«إِذَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؛ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلِلزَّوْجِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنقُصُ وَاحِدٌ مِّنْهُمْ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا، لَهَا مَا أَنفَقَتْ، وَلَهُ مَا اكْتَسَبَ».
أخرجه الترمذي (٦٧١)، والنسائي في المجتبى (٥/ ٦٥/ ٢٥٣٩)، وفي الكبرى