ويزيد ذلك إيضاحاً: قول الترمذي عن حديث عطية العوفي عن أبي سعيد: «هذا حديث غريب، وقد روي هذا عن عطية عن أبي سعيد موقوفاً، وهو أصح عندنا وأشبه»؛ فلم يتطرق إلى حديث أبي خالد الدالاني هذا؛ إذ لم يكن معروفاً عند الحفاظ، والله أعلم.
وقد روي عن أبي سعيد من وجوه أخرى:
أ - رواه أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري: حدثنا عثمان بن سعيد [هو: عثمان بن سعيد بن مرة الكوفي المكفوف: صدوق]: حدثنا زهير [زهير بن معاوية: ثقة ثبت]، عن سعد الطائي، عن عطية، عن أبي سعيد،
وعن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قالا: قال رسول الله ﷺ: «أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمناً على عري، كساه الله من خضر الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم».
أخرجه البيهقي في الشعب (٥/ ٥٦٣/ ٣٠٩٨)، بإسناد صحيح إلى ابن أبي غرزة.
قلت: وهذا وهم؛ إذ لا يُعرف من حديث الشعبي، ولعل الوهم فيه من قبل أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غرزة أبي عمرو الغفاري الكوفي صاحب المسند، وهو وإن قال فيه ابن حبان:«كان متقناً»، وقال الذهبي:«حافظ صدوق» [الجرح والتعديل (٢/٤٨)، الثقات (٨/٤٤)، المؤتلف للدارقطني (٣/ ١٦٨٨)، السير (١٣/ ٢٣٩)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٩٤)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٢٤٩)]؛ إلا أن الدارقطني قال عنه في الأفراد (٢/ ٢٢٤/ ٤٨٠٨ - أطرافه): «يقال: إن أبا عمرو ابن أبي غرزة: اختلط عليه حديث سهل بن عامر بحديث جعفر بن عون»، والله أعلم.
• قلت: المحفوظ فيه: حديث إسماعيل بن أبي خالد عن سعد الطائي معضلاً: رواه عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، وإسماعيل بن زكريا [الخلقاني: ليس به بأس]: عن إسماعيل بن أبي خالد [ثقة ثبت]، عن سعد الطائي [أبي المجاهد: لا بأس به، من السادسة]؛ أنه بلغه أن رسول الله ﷺ، قال:«ما من مؤمن يطعم مؤمناً جائعاً، إلا أطعمه الله من ثمار الجنة، وما من مؤمن يسقي مؤمناً على ظمأ، إلا سقاه الله من رحيق مختوم، وما من مؤمن يكسو مؤمنا عارياً، إلا كساه الله من خضر الجنة».
أخرجه سعيد بن منصور (٢٤٧٢)، وابن أبي شيبة (٧/ ٨١/ ٣٤٣٥٥)، وهناد بن السري في الزهد (١/ ٤٨٥/ ٦٥٨). [المسند المصنف (٢٨/ ٤٩٢/ ١٢٨٨٥)].
ب - ورواه حسن بن موسى الأشيب [ثقة، قال فيه أحمد:«هو من متثبتي أهل بغداد». التهذيب (١/ ٤١٥)]: حدثنا زهير بن معاوية، عن سعد أبي المجاهد الطائي، عن عطية بن سعد العوفي، عن أبي سعيد الخدري، أراه قد رفعه إلى النبي ﷺ، قال:«أيما مؤمن سقى مؤمناً شربة على ظمأ، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمناً ثوباً على عري، كساه الله من خضر الجنة».