للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأخاف ألا يكون سمعه عياش بن عباس من أبي بردة؛ لتباعد البلدان، ولكونه لم يروه رواية، وإنما حكاه عنه حكاية، وساقه مساق المرسل.

ثم إن أبا بردة خالف الحديث الذي رواه، واحتج به على معنى؛ ثم أتى ضده بعد احتجاجه به، فعل ذلك مرتين، فقد شهد على نفسه بأنه ليس بأهل لهذه الولاية، ثم تولاها، فكأنه أوجب على نفسه العقوبة، ثم ذكر لعن من سأل بوجه الله، ثم هو يسأل بوجه الله، بعدما فرغ من ذكر الحديث؛ فخالفه في الحال، ثم اشتمال الحديث الثاني على تعارض في نفس الخبر؛ حيث أخبر عن لعن من سأل بوجه الله، ثم هو يوجب عطيته بلعن مانعه.

وقد تفرد بهذا السياق الطويل، بذكر القصة وسياق الحديثين معاً: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقد أكثر عن عمه، وهو صدوق تغير بآخره، وكان مستقيم الأمر، ثم خلط بعد فحدث بما لا أصل له، حتى رمي بالكذب. [انظر ترجمته: فيما تقدم برقم (١٤٨ و ٧١٤ و ٨٢٩ و ١٠٢٤ و ١١٥٦)]، وقد اقتصر أصبغ وابن مقلاص على الطرف الثاني حسب، وبدون القصة؛ فلم يُعرف هذا السياق إلا من طريق ابن أخي ابن وهب، ولم يتابع عليه.

قال ابن منده في الرد على الجهمية (٨٩): «وفي هذا الباب أحاديث … ، ومنها حديث: «ملعون من سأل بوجه الله»، ولا يثبت من جهة الرواة، والله أعلم».

ثم زيادة في بيان ضعف هذا الحديث: أن عبد الله بن عياش - على ضعفه - قد اضطرب في إسناده:

• فرواه عبد العزيز بن مقلاص [صدوق، وقد رواه عن ابن وهب بالوجهين]، ويونس بن عبد الأعلى [مصري، ثقة]:

ثنا ابن وهب: أنا عبد الله بن عياش بن عباس، عن عبد الله بن الأسود، عن أبي معقل بن أبي مسلم، عن أبي عبيد مولى رفاعة بن رافع؛ أن رسول الله ، قال: «ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله فمنع سائله».

أخرجه الدولابي في الكنى (٢٦٢)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٣٧٧/ ٩٤٣)، وعنه: أبو نعيم في معرفة الصحابة (٥/ ٢٩٥٨/ ٦٩٠١).

قال أبو زرعة: «أبو عبيد هذا: ليست له صحبة، وأبو معقل: لا يسمى» [الجرح والتعديل (٩/ ٤٠٥ و ٤٤٨)، المراسيل (٩٤٢)، الاستغناء في الكنى لابن عبد البر (١٨٧٠ و ٢٠٩٧)، جامع التحصيل (٩٨٥)، وقال: «يعني: والحديث مرسل»].

وقال أبو نعيم: «أبو عبيد مولى رفاعة بن رافع الزرقي: ذكر في الصحابة، ولا يثبت».

قلت: قد اضطرب في إسناده عبد الله بن عياش، وهذا إسناد مجهول، والحديث منكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>