للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وفي الباب أحاديث أخر هي ألصق بأبواب الإقطاع وإحياء الموات، فأرجأتها لمواضعها، وفيما ذكرناه كفاية في بيان المقصود، فيما لا يحل منعه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

• وأما الموقوفات والمراسيل والمقاطيع في الباب فكثيرة، ولم أتعرض لها؛ إلا عند اللزوم.

• ومن فقه المسألة:

قال مالك: «إذا استقى الرجل ماشية فلا يمنع جيرانه أن يستقوا بفضل الماء، لأنهم إذا مُنعوا فضل الماء جلوا عن ذلك المكان، قال: فأرى أن يحكم عليه بأن يسقيهم» [مسند الموطأ للجوهري (٥٥٦)].

وقال مرة: «ومعنى ذلك: في آبار الماشية؛ لأنه إذا منع فضل الماء لم يرع ذلك الكلأ الذي بذلك الوادي؛ إذا لم يجد ما يسقي به، فصار منعاً للكلأ، وذلك في آبار الماشية التي في الفلوات لا تباع ولا تورث، وصاحبها الذي احتفرها أو ورثته أحق بمائها، يسقون منها قبل غيرهم، ثم ليس لهم منع الناس أن يسقوا بفضلها» [النوادر والزيادات (١١/٥)] [وانظر: المدونة (٤/ ٤٦٩ و ٤٧٣)].

وقال الشافعي في إحياء الموات من الأم (٥/ ٩٩): ففي هذا الحديث ما دل على أنه ليس لأحد أن يمنع فضل مائه، وإنما يمنع فضل رحمة الله بمعصية الله، فلما كان منع فضل الماء معصية؛ لم يكن لأحد منع فضل الماء، وفي هذا الحديث دلالة على أن مالك الماء أولى أن يشرب به ويسقي، وأنه إنما يعطي فضله عما يحتاج إليه؛ لأن رسول الله قال: «من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته، وفضل الماء: الفضل عن حاجة مالك الماء»، ثم قال: «وكل ماء ببادية يزيد في عين، أو بئر، أو غيل، أو نهر، بلغ مالكه منه حاجته لنفسه وماشيته وزرع إن كان له؛ فليس له منع فضله عن حاجته من أحد يشرب، أو يسقي ذا روح خاصة دون الزرع، وليس لغيره أن يسقي منه زرعاً ولا شجراً، إلا أن يتطوع بذلك مالك الماء».

وقال الشافعي أيضاً في شرح حديث إياس بن عبد: «معنى الحديث - والله أعلم: أن يباع الماء في الموضع الذي خلقه الله ﷿ فيه، وذلك أن يأتي بالبادية الرجل له البئر ليسقي بها ماشيته، ويكون في مائها فضل عن ماء ماشيته، فنهى رسول الله مالك الماء عن بيع ذلك الفضل، ونهاه عن منعه؛ لأن في منعه أن يسقي ماشيته، منعاً للكلأ الذي لا يملك» [المعرفة (٨/ ١٨٠)].

وقال أبو عبيد في الأموال (٧٣٩): «فقد جاءت الأخبار والسنن مجملة، ولها مواضع متفرقة وأحكام مختلفة، فأول ذلك ما أباحه رسول الله للناس كافة، وجعلهم فيه أسوة، وهو الماء والكلأ، والنار، وذلك أن ينزل القوم في أسفارهم وبواديهم بالأرض فيها النبات الذي أخرجه الله للأنعام؛ مما لم يُنصَب فيه أحد بحرث، ولا غرس،

<<  <  ج: ص:  >  >>