قلت: الأشبه أن يزيد وهم فجعله حيان بالياء التحتية، وليس بالموحدة، هكذا وقع الشك منه في رواية أبي عبيد في الأموال، وكذا قال البخاري في التاريخ، وابن حبان في الثقات (٤/ ١٨١)، فقال:«ومن قال: حيان؛ فقد وهم»، وقال الطبراني في مسند الشاميين (٢/ ١٣٣): «وأهل العراق يقولون: حيان».
قلت: وكأن رواية يزيد بن هارون فيها زيادة رجل مبهم في الإسناد:
لكن قد رواه أبو يوسف القاضي [يعقوب بن إبراهيم، وهو: صدوق، كثير الخطأ]، وعلي بن عياش [حمصي، ثقة ثبت]، وعصام بن خالد [صدوق]:
حدثني حريز بن عثمان الحمصي، عن زيد بن حبان الشرعبي [قلبه أبو يوسف، إنما هو: حبان بن زيد الشرعبي]، قال: كان منا رجل بأرض الروم نازلا، وكان قوم يزرعون حول خبائه فطردهم؛ فنهاه رجل من المهاجرين عن ذلك وزجره فامتنع؛ فقال الرجل: لقد غزوت مع رسول الله ﷺ ثلاث غزوات، أسمعه فيها يقول:«المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار»؛ فلما سمع الرجل ذكر النبي ﷺ رق؛ فأتى الرجل فاعتنقه، واعتذر إليه. لفظ أبي يوسف.
ولفظ علي وعصام [عند ابن زنجويه]: ثنا حريز بن عثمان، عن حبان بن زيد، أن شيخا من شرعب كان في رفقة، وكانت به سرعة قال: فنزلنا منزلا بأرض الروم، فذب، يقول: ضرب دوابا عن رحله وفسطاطه، فنهاه رجل من المسلمين غير بعيد، فأسرع إليه الشرعبي، فقال الرجل: لقد صحبت رسول الله ﷺ ثلاث غزوات، فلما سمع الشرعبي قول الرجل ذكر النبي ﷺ، أسقط بيديه، فأتاه يستغفر له، فقال الرجل: صحبت رسول الله ﷺ ثلاث غزوات، أسمعه يقول:«إن المسلمين شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار».
أخرجه أبو يوسف في الخراج (١٠٩)، وعنه: محمد بن الحسن في الأصل (٨/ ١٤٧)، وابن زنجويه في الأموال (١٠٨٩).
قلت: فتبين بمجموع هذه الروايات، لا سيما رواية ابن زنجويه أن أبا خداش حبان بن زيد الشرعبي قد حضر الواقعة بنفسه، وأنه قد سمع الصحابي حين حدث بهذا الحديث؛ كما جاء الجزم بسماعه في رواية عيسى بن يونس المتقدمة، فاتصل الإسناد، والحمد لله.
هكذا رواه مسدد بن مسرهد [وهو: ثقة ثبت] عن عيسى بن يونس، من طريق أبي داود، ويوسف بن يعقوب القاضي عنه [وهما: ثقتان حافظان].
وأخرجه الخطيب في الموضح (٢/٤٨)، من طريق: معاذ بن المثنى [ثقة]: حدثنا مسدد: حدثنا عيسى بن يونس: حدثنا حريز بن عثمان: حدثتني أم خداش، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ؛ أن النبي ﷺ قال:«المسلمون شركاء في ثلاثة؛ في النار والكلأ والماء».