بعد أن سأله ابنه صالح: ما تقول في بيع الماء؟ قال أحمد: «يروى عن النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الماء، فقال الذي روى هذا الحديث: لا أدري أي ماء هو؟.
وقال عبد الله بن عمرو لقيم له، وباع ماء، فأمره برده.
وروي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ». وروي عن عائشة؛ أن النبي ﷺ نهى عن منع نقع البئر» … . ثم ذكر بقية كلامه.
والحاصل: فإن حديث عائشة: حديث صحيح؛ قصر مالك بإرساله احتياطا، واختلف على الثوري في وصله وإرساله، وقد تتابع على وصله أربعة من أهل الصدق من أهل المدينة:
محمد بن إسحاق، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وخارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت: رووه عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي ﷺ، قالت: … الحديث.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٢/ ٥٤٠): «الرهو: الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر أو غيره، ومنه الحديث الآخر؛ أنه لا يباع نقع البئر ولا رهو الماء».
وقال ابن سيده في المحكم (١/ ٢٢٩): «ونقع البئر: الماء المجتمع فيها قبل أن يستقى».
وقال ابن الأثير في النهاية (٥/ ١٠٨): «نهى أن يمنع نقع البئر»؛ أي: فضل مائها، لأنه ينتفع به العطش؛ أي: يروى. وشرب حتى نقع: أي روي. وقيل: النقع: الماء الناقع، وهو المجتمع. ومنه الحديث: «لا يباع نقع البئر ولا رهو الماء». اهـ.
وقال في رهو الماء (٢/ ٢٨٥): «أراد مجتمعه، سمي رهوا باسم الموضع الذي هو فيه لانخفاضه، والرهوة: الموضع الذي تسيل إليه مياه القوم».
٥ - عن عبد الله بن عمرو:
رواه أبو النضر هاشم بن القاسم [ثقة ثبت]، وأبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]:
حدثنا محمد بن راشد [المكحولي: ثقة]، عن سليمان بن موسى؛ أن عبد الله بن عمرو كتب إلى عامل له على أرض له: أن لا تمنع فضل مائك، فإني سمعت رسول الله ﷺ، يقول: «من منع فضل الماء؛ ليمنع به فضل الكلأ؛ منعه الله فضله يوم القيامة».
أخرجه أحمد (٢/ ١٨٣/ ٦٧٢٢)، وابن زنجويه في الأموال (١٠٩٣). [الإتحاف (٩/ ٤٧١/١١٦٩٥)، المسند المصنف (١٧/ ٢٠٢/ ٨٠٥٩)].
وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن سليمان بن موسى الأشدق الدمشقي، قال فيه البخاري: «لم يدرك أحدا من أصحاب النبي ﷺ» [علل الترمذي الكبير (١٧٦)، تحفة