للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال: «فلا إذا»، «فأما إقطاع المعادن التي لا يتوصل إلى نيلها ونفعها إلا بكدح واعتمال، واستخراج لما في بواطنها، فإن ذلك لا يوجب الملك البات، ومن أقطع شيئا منها كان له ما دام يعمل فيه، فإذا قطع العمل عاد إلى أصله، فكان للإمام إقطاعه لغيره».

وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٤٢١): «المعادن الظاهرة وهي التي يوصل إلى ما فيها من غير مؤنة، ينتابها الناس، وينتفعون بها، كالملح والماء، والكبريت، والقير، والمومياء، والنفط والكحل، والبرام، والياقوت ومقاطع الطين، وأشباه ذلك، لا تملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعها لأحد من الناس، ولا احتجازها دون المسلمين؛ لأن فيه ضررا بالمسلمين، وتضييقا عليهم، ولأن النبي أقطع أبيض بن حمال معدن الملح، فلما قيل له: إنه بمنزلة الماء العد رده؛ كذا قال أحمد»، ثم ذكر الحديث، ثم قال: «ولأن هذا تتعلق به مصالح المسلمين العامة، فلم يجز إحياؤه، ولا إقطاعه، كمشارع الماء، وطرقات المسلمين، … ، وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه مخالفا».

قلت: فهذه أيضا قرينة أخرى في العمل بهذا الحديث، مما يدل على تلقيه بالقبول، واعتماد الحكم الذي دل عليه، وأنه قد جرى عليه العمل، مع موافقته للإجماع، واحتجاج جماعة من الأئمة به، مثل الشافعي، وأحمد، وأبي داود، والنسائي. وفي الحديث قرينة من قبل الراوي تدل على صدق ناقليه، حيث قال: فرج بن سعيد: «وهو اليوم على ذلك، من ورده أخذه»؛ يعني: أن ملح مأرب، ما زال الناس فيه شركاء، لم يتملكه أحد؛ وذلك لمنع النبي إقطاعه لأبيض بن حمال، والله أعلم.

قال الدارقطني في المؤتلف (٢/ ٧٤٧): «أبيض بن حمال المأربي، يقال: هو من الأزد، وهو الذي أقطعه النبي الملح الذي بمأرب، وكان سأله ذلك فأعطاه إياه، فقال رجل عنده: يا رسول الله إنما اقتطعته الماء العد، فقال النبي »: «فلا إذا»، روى عنه شمير بن عبد المدان وغيره، ودرج على نقل ذلك من صنف في الصحابة.

والحاصل: فإن حديث أبيض بن حمال بهذين الطريقين: حديث حسن، والله أعلم. وفي الباب:

١ - عن أبي هريرة:

أ - رواه مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله ، قال: «لا يمنع فضل الماء؛ ليمنع به الكلأ».

أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٢٨٩/ ٢١٦٩ - رواية يحيى الليثي) (١٣٨٧ - رواية القعنبي) (٢٩٠٠ - رواية أبي مصعب) (٣٥٥ - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي) (٢٦٣ - رواية ابن وهب وابن القاسم جمع ابن جوصا) (٢٦٣٦ - رواية ابن بكير) (٢٨٠ - رواية الحدثاني)، ومن طريقه: البخاري (٦٩٦٢ و ٢٣٥٣)، ومسلم (١٥٦٦)، وأبو عوانة (١٢/ ٣٢٦/ ٥٦٩٢)، وأبو نعيم في مستخرجه على البخاري (٢٤٦)، والنسائي في الكبرى (٥/ ٣٣٠/ ٥٧٤٢)، وابن حبان (١١/ ٣٢٩/ ٤٩٥٤)، والشافعي في الأم (٥/ ٩٩/ ١٧٠٨)، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>