الأمر شيئا، ومن علم حجة على من لم يعلم، وأما شمير بن عبد المدان، وسمي بن قيس: فهما في طبقة كبار التابعين، وأواسطهم، والجهالة محتملة في مثل هذه الطبقة، لا سيما وقد رويا شيئا مجمعا عليه، وتوبعا عليه عن أبيض بن حمال، ويرويان عن أهل بلدهم شيئا من مآثرهم، مما تتوفر الهمم والدواعي لنقله وضبطه؛ فلا ينكر عليهم، والله أعلم.
وأما حكم الترمذي عليه بالغرابة فهذا ظاهر؛ لتفرد محمد بن يحيى بن قيس به عن أبيه بهذا الإسناد، وأما حسنه؛ فلأجل وجود المتابعة عليه، كما سيأتي بيانه.
وهذا الحديث بهذا الإسناد: قد صححه ابن حبان، واحتج به: أبو داود، والنسائي، واحتج الشافعي برواية ابن عيينة الآتي ذكرها.
• قلت: قصر به من قصر:
فرواه سعيد بن عمرو [سعيد بن عمرو بن سعيد بن أبي صفوان الحمصي: صدوق]، قال: حدثنا بقية، عن عبد الله بن المبارك:
ورواه سعيد بن عمرو، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن سفيان، قال: حدثني معمر:
كلاهما ابن المبارك، وسفيان بن عيينة: عن معمر، عن يحيى بن قيس المأربي، عن أبيض بن حمال المأربي، قال: سألت رسول الله ﷺ أن يقطعني الملح الذي بمأرب، فأقطعنيه، قال رجل: إنه كالماء العد، فأبى أن يقطعنيه. لفظ ابن المبارك، وفي رواية ابن عيينة: «فلا إذا».
أخرجه النسائي في الكبرى (٥/ ٣٢٦/ ٥٧٣٢ و ٥٧٣٣). [التحفة (١)، المسند المصنف (١/ ٢١١/ ٩٩)].
• ورواه أيضا: سعيد بن عمرو، قال: حدثنا بقية، وقال سفيان: وحدثني ابن أبيض بن حمال، عن أبيه، عن النبي ﷺ، بمثله.
أخرجه النسائي في الكبرى (٥/ ٣٢٦/ ٥٧٣٤). [التحفة (١)، المسند المصنف (١/ ٩٩/ ٢١١)].
قلت: بقية بن الوليد: حمصي، صدوق، مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجاهيل، وليس هو من أصحاب ابن المبارك، ولا من أصحاب ابن عيينة، وحديثه هذا معضل:
فقد رواه يحيى بن قيس المأربي، عن ثمامة بن شراحيل، عن سمي بن قيس، عن شمير بن عبد المدان، عن أبيض بن حمال.
وقد سبق أن تكلمت على رواية بقية عن الثقات من غير أهل بلده [راجع: ما تحت الحديث رقم (١٥٧٨)]، قال البرذعي في سؤالاته (٢/ ٦٤٢ - ٦٤٣): «قال لي أبو زرعة في حديث أخطأ فيه بقية عن المسعودي: إذا نقل بقية حديث الكوفة إلى حمص يكون هكذا»، وقال ابن المديني: «بقية صالح فيما روى عن أهل الشام، وأما حديثه عن عبيد الله بن عمر، وأهل الحجاز والعراق»؛ فضعفه فيها جدا، وقال: «بقية روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث منكرة» [تاريخ بغداد (٧/ ٦٢٧)].
