قلت: وأما هنا؛ فأقول: أولا: لا يسلم لابن القطان دعواه بتجهيل الرواة الخمسة:
أما شمير بن عبد المدان: فقد روى عن أبيض بن حمال، وعنه: سمي بن قيس، بهذا الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له هذا الحديث، وقال عنه في المشاهير:«ممن صحب أبيض بن حمال عداده في أهل اليمن؛ يغرب» [الثقات (٤/ ٣٧٠)، المشاهير (٩٧٩)، المغني (٢٧٩٧)، الميزان (٢/ ٢٨١)، وقال:«لا يدرى من هو؟». التهذيب (٢/ ١٨٠)]، وهو هنا يروي عن أهل بلده شيئا من مآثرهم، مما تتحفظه الأنفس في العادة، وتضبطه؛ لما فيه من التأريخ لهم، ولبلدانهم، ولم ينفرد به عن أبيض، تابعه عليه: سعيد بن أبيض بن حمال.
وأما سمي بن قيس اليماني، فقد روى عن شمير بن عبد المدان، عن أبيض بن حمال، وعنه: ثمامة بن شراحيل بهذا الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له هذا الحديث [الثقات (٦/ ٤٣٥)، الميزان (٢/ ٢٣٤)، التهذيب (٢/ ١١٧)]، وهو هنا يروي عن أهل بلده شيئا من مآثرهم عن النبي ﷺ، مما تتوفر الهمم والدواعي لنقله وضبطه، ومما يرفع من حاله: أن الراوي عنه: تابعي، لا بأس به، من الطبقة الثالثة، سمع ابن عباس وابن عمر.
وثمامة بن شراحيل اليماني: تابعي سمع ابن عباس، وابن عمر، وسمي بن قيس، روى عنه: يحيى بن قيس المأربي، وجبر بن سعيد، وقال الدارقطني:«من أهل صنعاء، لا بأس به، شيخ مقل»، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له هذا الحديث [التاريخ الكبير (٢/ ١٧٧)(٢/ ٦٤٩/ ٢١٠٥ - ط الناشر المتميز)، الجرح والتعديل (٢/ ٤٦٦)، الثقات (٤/ ٩٨) و (٨/ ١٥٧)، سؤالات البرقاني (٦٥)، التهذيب (١/ ٢٧٤)] [وانظر روايته عن ابن عمر: مسند أحمد (٢/ ٨٣/ ٥٥٥٢) و (٢/ ١٥٤/ ٦٤٢٤)، الإتحاف (٨/ ٢٨٢/ ٩٣٨٣)]؛ فهو ليس مجهول الحال، كما ادعى ذلك ابن القطان الفاسي.
ويحيى بن قيس المأربي: روى عن أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وثمامة بن شراحيل، وروى عنه ابنه محمد، ومحمد بن بكر البرساني، ومعمر بن راشد، فهو معروف بطلب العلم، وله أحاديث وروايته عن عطاء في مسند أحمد (٥/ ٢٠٦) و (٦/ ٢٥٣)، وقال الدارقطني:«ثقة»، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير:«يحيى بن قيس المأربي السبئي: من أهل اليمن؛ من مشاهير المشايخ بها»، فهو ليس مجهول الحال، كما ادعى ذلك ابن القطان الفاسي والذهبي في الميزان [الثقات (٥/ ٥٢٨) و (٧/ ٦٠٩) و (٩/ ٢٥٠)، مشاهير علماء الأمصار (١٥٦٠)، سؤالات البرقاني (٤٦٧ و ٥٤٣)، الميزان (٤/ ٤٠٢)، التهذيب (٤/ ٣٨٢)].
وبذا يظهر أن ثمامة بن شراحيل، ويحيى بن قيس المأربي، وابنه محمد: معروفون، موثقون، ولهم أحاديث؛ بخلاف ما قاله ابن القطان الفاسي، وجهله بحالهم لا يغير من