رواه عن ابن أبي ذئب، وختم كلامه بقوله: «وقال الليث»: [عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهو الصواب] [وقال البزار (١٥/ ١٣٢/ ٨٤٣٦): «وهذا الحديث إنما يحفظ من حديث: ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة»].
تنبيه: منهم من أسقط ذكر أبي سعيد المقبري من الإسناد، وهو تقصير ظاهر، فإن عامة الرواة عن ابن أبي ذئب وعن الليث يروونه بإثباته، ولعل هذا التقصير وقع ممن دون أصحاب الليث وابن أبي ذئب، والله أعلم.
• وانظر فيمن وهم في إسناده على الليث بن سعد: ما أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٢١١٧).
وله أسانيد أخرى لم أتعرض لها، واكتفيت بما في الصحيح.
• ومما قيل في معنى الحديث:
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في تفسيره للمثل: من حقر حرم، ثم استشهد بحديث الباب: يريدون: أن الإنسان إذا كان يعجز عن الإفضال بالكثير، ثم يحقر ما يقدر عليه من اليسير؛ كان فيه الحرمان، وتلف الحقوق [الأمثال لأبي عبيد (١٦٦)].
وقال ابن حبان في الصحيح (٨/ ١٦٨): «قوله ﷺ: «ردوا السائل» قصد زجر بلفظ الأمر؛ يريد به: لا تردوا السائل إلا بشيء ولو بظلف محرق».
وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين (٣/ ٧٣٣): «وفي الحديث: «ردوا السائل ولو بظلف محرق» أراد: بروه بشيء، ولم يرد: الحرمان».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٣٠١): «في هذا الحديث الحض على الصدقة بكل ما أمكن، من قليل الأشياء وكثيرها، وفي قول الله ﷿: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] أوضح الدلائل في هذا الباب».
وقال ابن العربي في المسالك (٧/ ٣٣٩): «وليس هو بمثل، وإنما هو حقيقة؛ فإنه إنما خاطب به قوما كانوا يأكلون الجلود ويمصون النوى، وإذا وجدوا ظلفا محرقا كان غاية لهم في اللذة».
وقال في موضع آخر (٧/ ٥٩٧): «وقوله: «ولو بظلف محرق» اختلف في تأويله: فقيل: ضرب به مثلا للمبالغة، كما جاء: «من بنى الله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة، بنى الله له بيتا في الجنة».
وقيل: إن الظلف المحرق كان له عندهم قدره؛ فإنهم كانوا يسهكونه ويسقونه» [وانظر أيضا: المسالك (٧/ ٤٠٧)، عارضة الأحوذي (٢/٣٩)، القبس (٣/ ١١١١ و ١١٩٠)]. وقال القاضي عياض في المشارق (١/ ٢٨٧): «أراد: أعطوه، ولم يرد: رد الحرمان».
و «لو» هنا تستعمل للمبالغة في التقليل؛ يعني: تصدقوا؛ وإن لم تجدوا إلا أقل القليل؛ فلا تحقرن من المعروف شيئا. [انظر: الفتح لابن حجر (١٣/ ٢٢٦)].