«هل رأيته في كتبي؟»، قال: لا، قال:«لو كان ثقة لرأيته في كتبي»، وفي رواية:«أترى في كتبي عنه شيئا؟ لو كنت أرضاه رأيت في كتبي عنه»، وقد سبق تقرير هذا القول، ونقل كلام أهل العلم فيه في فضل الرحيم الودود (٧/ ١٥٨/ ٦٢٣)، ومنها: قول يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة: «ومن كان من أهل العلم ونصح نفسه: علم أن كل من وضعه مالك في موطئه وأظهر اسمه: ثقة، تقوم به الحجة»، وقال ابن الملقن في البدر المنير:«فهذا تصريح من هذا الإمام، بأن كل من روى عنه في موطئه يكون ثقة» [مقدمة صحيح مسلم (١/٢٦)، ضعفاء العقيلي (١/١٤)، الجرح والتعديل (١/٢٤) و (٢/٢٢)، المعرفة والتاريخ (٣/ ١٤٤ و ١٦٨)، المحدث الفاصل (٤١٠)، الكامل (١/ ٩١)، التمهيد (١/ ٦٨)، ترتيب المدارك (١/ ٧٥)، بيان الوهم (٤/ ٣٤٩/ ١٩٣٥) و (٥/٢٢/٢٢٥٧)، شرح مسلم للنووي (١/ ١٢٠)، تهذيب الكمال (٢٧/ ١١٢)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٧٢)، البدر المنير (٣/ ٥٤٦)].
وجدته: حواء بنت يزيد بن السكن الأنصارية من بني عبد الأشهل: صحابية مدنية. [انظر: طبقات ابن سعد (٨/ ٣٢٣)، طبقات خليفة (٦٣٣ و ٦٣٥)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (٦/ ٣٣٠٠/ ٣٨٣٨)، الاستيعاب (٤/ ١٨١٣)، وفرق بينها وبين حواء بنت يزيد بن سنان بن كرز بن زعوراء الأنصارية، التي كانت تحت قيس بن الخطيم، ومنهم من جعلهما واحدة. الإكمال لابن ماكولا (١/ ١٨٦)، أسد الغابة (٧/ ٧٣)، الإصابة (٨/ ٩٠)].
وعليه: فهو حديث صحيح، قد أودعه مالك في موطئه، ومالك، وما أدراك ما مالك؟! فإن شأن مالك في الاحتياط في الحديث معلوم مشهور، قال الشافعي:«إذا جاء الحديث عن مالك فشد به يدك»، وقال أيضا: كان مالك إذا شك في بعض الحديث طرحه كله، وقال ابن عيينة:«كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا، ولا يحدث إلا عن ثقة»، وقال أبو حاتم لابن معين:«مالك قل حديثه؟ فقال: بكثرة تمييزه»، وقال أبو حاتم:«ومالك: نقي الرجال، نقي الحديث، وهو أنقى حديثا من الثوري والأوزاعي»، وقال ابن حبان:«ولم يكن يروي إلا ما صح، ولا يحدث إلا عن ثقة»، والنقل في هذا يطول لكني اكتفيت بالإشارة، وقد كان مالك يترك بعض حديثه توقيا، لا سيما إذا لم يكن عليه العمل، وكان شديد الانتقاء لما صح من الحديث، ولا يحدث إلا بما صح عنده، حتى قال ابن عبد البر في التمهيد:«وبلاغاته إذا تفقدت لم توجد إلا صحاحا»، لذا فقد ترك حديثا كثيرا مما سمعه من مشايخه لم يحدث به لأسباب عديدة [الجرح والتعديل (١/١٤)، الثقات (٧/ ٤٥٩)، الكامل (١/ ٩١)، الحلية (٦/ ٣٢١)، التمهيد (١/ ٧٤) و (١٣/ ١٨٨)، ترتيب المدارك (١/ ٧٣ - ٧٥)، السير (٨/ ٧٣)]، وقد سبق الكلام عن ذلك في مواضع من فضل الرحيم الودود.
وهذا الحديث: يشهد له حديث أبي هريرة المتفق على صحته [ويأتي ذكره]، وقال ابن العربي في المسالك (٧/ ٤٠٦): «الحديث صحيح».