للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

· قال الشافعي في الأم (٣/ ١٤٦): «وهذا كما قاله ابن عمر إن شاء الله تعالى؛ لأنهم إنما عُذِّبوا على منع الحق، فأما على دفن أموالهم وحبسها فذلك غير محرم عليهم، وكذلك إحرازها، والدفن ضرب من الإحراز، لولا إباحة حبسها ما وجبت فيها الزكاة في حول؛ لأنها لا تجب حتى تحبس حولاً».

وقال ابن جرير في تفسيره (١١/ ٤٣٠): «وأولى الأقوال في ذلك بالصحة: القول الذي ذكر عن ابن عمر من أن كل مال أديت زكاته فليس بكنز يحرم على صاحبه اكتنازه وإن كثر، وأن كل ما لم تؤد زكاته فصاحبه معاقب مستحق وعيد الله؛ إلا أن يتفضل الله عليه بعفوه وإن قل؛ إذا كان مما يجب فيه الزكاة؛ وذلك: أن الله أوجب في خمس أواق من الورق على لسان رسوله ربع عشرها، وفي عشرين مثقالاً من الذهب مثل ذلك ربع عشرها، … »، إلى آخر ما قال.

وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (٣/ ٤٠٥): «واختلف السلف في معنى الكنز، فقال بعضهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته، وقالوا: معنى قوله تعالى: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] لا يؤدون زكاتها، وهذا قول: عمر، وابن عمر، وابن عباس، وعبيد بن عمير، وجماعة.

وقال آخرون: الكنز ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، وإن أديت زكاته. رواه جعدة بن هبيرة، عن علي بن أبي طالب، قال: أربعة آلاف فما دونها نفقة، وما كان أكثر من ذلك فهو كنز.

وقال غيره: الكنز ما فضل عن حاجة صاحبه إليه. وهذا مذهب أبي ذر … .

واتفق أئمة الفتوى على قول عمر، وابن عمر وابن عباس، واحتج له الطبري بنحو ما نزع به البخاري، فقال: الدليل على أن كل ما أديت زكاته فليس بكنز؛ إيجاب الله تعالى على لسان رسوله في خمس أواق ربع عشرها، فإذا كان ذلك فرض الله تعالى على لسان رسوله ، فمعلوم أن الكثير من المال وإن بلغ ألوفاً، إذا أديت زكاته فليس بكنز، ولا يحرم على صاحبه اكتنازه، لأنه لم يتوعد الله عليه بالعقاب، وإنما توعد الله بالعقاب على كل مال لم تؤد زكاته، … ».

وقال ابن القطان في الإقناع (١١٦٢ و ١١٦٣): «والكنز في الآية، عن ابن عمر: هو المال الذي لا تؤدي زكاته، وعليه فقهاء الأمصار ولا أعلم مخالفاً فيما فسره فيه ابن عمر إلا ما روي عن علي وأبي ذر ؛ أن في الأموال حقوقاً سوى الزكاة، ذهب إليه بعض الزهاد، وقال ابن عمر: ما أديت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وما كان ظاهراً لا تؤدي زكاته فهو كنز، وعليه الفقهاء أجمع».

قلت: حاصل الكلام على ما ثبت عن جابر، وابن عمر، موقوفاً عليهما؛ في تفسير الكنز، إنما ينبغي أن يُعلم أن لا تعارض بينه وبين مسألتنا في هذا الباب في الحق الزائد على الزكاة المفروضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>