للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السادسة، قال: حدثنا رياح بن عبيدة [بصري، ويقال: كوفي، ثقة، من الرابعة]، عن قزعة [قزعة بن يحيى البصري: ثقة، من الثالثة]، قال: قلت لابن عمر: إن لي مالاً فما تأمرني إلى من أدفع زكاته؟ قال: ادفعها إلى ولي القوم؛ يعني: الأمراء، قلت: إذن يتخذون بها ثياباً وطيباً، قال: وإن اتخذوا ثياباً وطيباً، ولكن في مالك حق سوى ذلك يا قزعة [وفي رواية: ولكن في مالك حق سوى الزكاة يا قزعة].

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (٩٢٧) و (١٨٠٠)، وفي الناسخ والمنسوخ (٤٧)، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٨٤/ ١٠١٩١) و (٢/ ٤١٢/ ١٠٥٢٦)، (٦/ ٢٥٢/ ١٠٤٧٤ - ط الشثري) و (٦/ ٣٣٦/ ١٠٨٢٦ - ط الشثري)، وابن زنجويه في الأموال (١٣٦٥)

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد بصري صحيح.

فيقال: كلام ابن عمر الأول إنما هو في الكنز المتوعد عليه بالنار، فمن بلغ ماله ما تؤدى منه الزكاة فلم يزكه؛ كان ماله كنزاً يستحق عليه الوعيد بالعذاب في النار: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ﴾ [التوبة: ٣٥].

ومن أدى الزكاة لم يكن مستحقاً لهذا الوعيد المذكور في الآية، لكن هذا لا يعني أنه لا يجب في ماله بعد إخراج الزكاة حق آخر، بحسب ما جاءت به النصوص الواردة في الحق الزائد على الزكاة المفروضة بحسب مقتضى الحال، وعلى التفصيل السابق ذكره.

ويؤيد ذلك؛ أن ابن عمر لم يكن ينكر هذا الحق:

فيما رواه ابن شهاب، عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ [التوبة: ٣٤]، قال ابن عمر : من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال.

ثم التفت إليَّ، فقال: ما أبالي لو كان لي مثل أحد ذهباً، أعلم عدده وأزكيه، وأعمل فيه بطاعة الله ﷿. [تقدم تخريجه قريباً].

فقول ابن عمر: وأعمل فيه بطاعة الله ﷿، لا يعني: أنه إذا أخرج منه الزكاة استمتع بهذا المال في إنفاقه في ملاذ الدنيا، وإنما ينفقه في طاعة الله ﷿، ومنه الحق الذي يجب على الغني بحسب مقتضى الحال عند نزول النازلة، وحدوث الحوادث العارضة؛ كما يقول إسماعيل القاضي: «الحق المفترض هو الموصوف المحدود، وقد تحدث أمور لا تحد ولا يحد لها وقت، فيجب فيها المواساة للضرورة التي تنزل؛ من: ضيف مضطر، أو جائع، أو عار، أو ميت ليس له من يواريه، فيجب حينئذ على من يمكنه المواساة التي تزول بها هذه الضرورات» [التوضيح لابن الملقن (١٠/ ٢٤٠)].

• وروى أبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه، وروايته عنه في الصحيحين]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ،

<<  <  ج: ص:  >  >>