للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال البيهقي في الشعب: «وهذا القدر من الحديث مرسل، وهو إن ثبت يحتمل أن يكون قبل فرض الزكاة في الإبل والبقر والغنم، ويحتمل أن يكون بعده، والوعيد المذكور في الخبر على من لا يرى هذه الخصال المحمودة براً، كما في قوله ﷿: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: ٧] على من لا يرى العارية براً في قول من قال في الماعون: إنه العواري، وقد ذهب جماعة إلى أنه الزكاة المفروضة، والله أعلم، والوعيد لاحق بمن يمنع الزكاة المفروضة، وبمن يمنع العواري، وهو لا يراها برا، وبالله التوفيق».

قلت: قد ثبت وصله من حديث جابر عند مسلم، ومن حديث أبي هريرة عند الشيخين، وقد جاء في حديث أبي هريرة السابق ما يبين المراد من حديث جابر: حيث جاء بلفظ: «ومن حقها حلبها يوم وردها»، وفي رواية: «ومن حقها أن تحلب على الماء».

فدل ذلك على أنه حق زائد على المحدود الموصوف في فرائض الصدقات، والتي تؤدى للمصدق مرة واحدة في العام، بخلاف هذا الحق الزائد الذي يكون بحسب مقتضى الحال، لحاجة عرضت، ونازلة وقعت، كما يقول إسماعيل القاضي: «الحق المفترض هو الموصوف المحدود، وقد تحدث أمور لا تحد ولا يحد لها وقت، فيجب فيها المواساة للضرورة التي تنزل؛ من ضيف مضطر، أو جائع، أو عار، أو ميت ليس له من يواريه، فيجب حينئذ على من يمكنه المواساة التي تزول بها هذه الضرورات» [التوضيح لابن الملقن (١٠/ ٢٤٠)].

• ورواه إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ، أنه ذكر الإبل، فقال: «إن فيها حقاً»، فسئل عن ذلك، فقال: «إطراق فحلها، وإعارة دلوها، ومنيحة سمينها».

أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (٢/٢٧)، وفي أحكام القرآن (٦٤٠).

قلت: هذا وهم؛ لا يُعرف هذا من حديث الثوري، ولا من حديث أبي حذيفة النهدي، ولعل الوهم فيه من شيخ الطحاوي: إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصري، نزيل مصر، وهو: صدوق، قال الدارقطني: «ثقة؛ إلا أنه كان يخطئ، فيقال له، فلا يرجع»، وكان قد عمي قبل موته [التهذيب (١/ ٨٦)، الميزان (١/ ٢١٤)] [وانظر في أوهامه: فضل الرحيم الودود (٨/ ١٦٠/ ٧٢٣) و (١١/ ١٥٨/ ١٠٣٦) و (١٢/ ٢٩٥/ ١١٦٧)]، فلعل الآفة منه في هذا الحديث، ولعله حدث به في آخر عمره بعدما عمي، فوهم، والله أعلم.

ثم هو غريب من حديث الثوري، تفرد عنه دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وهو صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان [التقريب (٦١٩)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٢٦)، (٤/ ١٨٨) التهذيب].

• وإنما يُعرف هذا من حديث: ابن جريج، وعبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>