• قلت: خالفهما في إسناده، بسلوك الجادة؛ فوهم، وأصاب في رفعه:
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة [الماجشون: ثقة]، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، قال: «إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل الله ﷿ ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، ثم يلزمه [أو] يطوقه، يقول: أنا كنزك، أنا كنزك».
أخرجه النسائي في المجتبى (٥/٣٨/٢٤٨١)، وفي الكبرى (٣/٢٨/٢٢٧٢)، وابن خزيمة (٤/١٢/٢٢٥٧)، وأحمد (٢/ ٩٨/ ٥٧٢٩) و (٢/ ١٣٧/ ٦٢٠٩) و (٢/ ١٥٦/ ٦٤٤٨)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٣/ ١٢٩)، والعقيلي في الضعفاء (٢/ ٢٤٨)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٤/ ٣٠٣)، وابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ١٤٦). [التحفة (٥/ ٢٤٥/ ٧٢١١)، الإتحاف (٨/ ٤٩٨/ ٩٨٤٨)، المسند المصنف (١٤/ ٤٣٣/ ٧٠٣٣)]
قال النسائي: «عبد العزيز بن أبي سلمة: أثبت عندنا من عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ورواية عبد الرحمن أشبه عندنا بالصواب، والله أعلم، وإن كان عبد الرحمن: ليس بذاك القوي في الحديث».
وقال العقيلي: «حديث مالك أولى».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ١٤٥): «ورواه عبد العزيز بن الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، وهو عندي: خطأ منه في الإسناد، والله أعلم».
قلت: يستفاد من كلام النسائي أمور:
منها: أنه لا يلزم أن تكون رواية الثقة هي الصواب دائما، ورواية كثير الوهم هي الغلط حتما؛ وإنما العبرة بالقرائن.
ومنها: أن سلوك الجادة هي إحدى وسائل معرفة وقوع الوهم في الإسناد.
ومنها: أن إصابة كثير الوهم، وخطأ الثقة: لا يغير من الأمر شيئا في مراتبهم في الجرح والتعديل؛ بل يبقى كل في منزلته.
ومنها: اتفاق البخاري والنسائي على تصويب رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وأنه لا عتب على البخاري في إخراجه لحديثه مع مخالفته لاثنين من كبار الثقات؛ مالك، والماجشون، كما قد صححه أيضا: ابن عبد البر؛ معللا ذلك بمتابعة الثقات له عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا؛ فلا غرو أن لا ينفرد البخاري بتصحيح حديث عبد الرحمن.
ومنها: أن عبد الرحمن وافق مالكا على الإسناد، ووافق الماجشون على رفع الحديث؛ فجمعت روايته الصواب في الأمرين جميعا.
ومنها: ظهور علو كعب البخاري والنسائي في علم العلل، على الدارقطني.
وقد ذكر ابن عبد البر أن هذا الحديث قد ثبت مرفوعا من طرق صحاح ثابتة عن