وفي بعضها: فضيل بن سليمان النميري، وهو ليس بالقوي، وأنكرت عليه أحاديث [التهذيب (٣/ ٣٩٨)، الميزان (٣/ ٣٦١)] [أخرجها البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ١٨٠)، وابن شبة في تاريخ المدينة (٢/ ٥٩٢)، والفاكهي في أخبار مكة (١/ ٣٧١)، ويعقوب بن سفيان في مشيخته (٥٥) و (٩٢)، وفي المعرفة والتاريخ (٣/ ٣٥٨)، وابن قانع في المعجم (٢/ ٢٦١ و ٣٥٥ و ٣٥٦)، والبيهقي في السنن (٨/ ١٣٤)، وفي الآداب (٦٥٦)، وفي الشعب (٨/ ٢٩٣/ ٤٩٤٨) و (١١/ ٣١٢/ ٧٢٤٨)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (١/٤٥)]
ولقرة بن دعموص حديث في اتقاء كرائم الأموال: خرجته في شواهد الحديث رقم (١٥٨٤)، وهو حديث ضعيف.
وقد اختلف في معنى الماعون في سورة الماعون، وإنما يعرف المعنى بدلالة القرينة في النص، وهي الأوصاف المذكورة في هذه السورة المقترنة بوصف منع الماعون، والمعطوفة عليه، وهي ثلاثة أوصاف، وهي عين صفات المنافقين، ونعوتهم، وخصالهم، من تضييع الصلاة، وتأخيرها عن وقتها، والمراءاة بالأعمال، ولما كان هذا الوصف متوعداً عليه بهذا الوعيد الشديد، وقد اقترن به من أوصاف المنافقين ما دل على حقارة المبذول؛ دل ذلك على صحة ما ثبت عن الصحابة في ذلك؛ أعني: عن ابن مسعود وابن عباس، وهو أنهم يمنعون أدنى ما يُعطى؛ مما لا تتشوف النفوس إلى ردّه، من الأشياء المتداولة الممتهنة؛ كالدلو، والفأس، والقدر، والقصعة، والإبرة، ونحو ذلك، مما لا يكترث به؛ فإذا كانوا يمنعون هذا الشيء اليسير، فهم على منع ما هو أعلى منه أشد منعاً وبخلاً وأثرة، وهو منعهم زكاة أموالهم، على ما صح عن ابن عمر.
قال أبو الحسن الواحدي في التفسير البسيط (٢٤/ ٣٦٥): «فإن قيل على هذا: كيف خص المنافقين - وهم شر الخليقة - بمنع الماعون، وهو من المحقرات، وفيهم من الكبائر ما هو أكبر من كل كبيرة؟ قيل: هذا تنبيه على بخلهم، وسوء خُلَّتِهم، وموضع عداوتهم، وإشارة إلى غاية بغضهم للإسلام وأهله، وذلك أنهم إذا منعوا ما لا يرزأ مالاً، ولا يغير حالاً؛ فهم للكثير أمنع، وإذا لم يصلوا من مضرة المسلمين إلا إلى منع الحقير؛ فهم بغير ذلك أدعى، وإليه أسرع».
وقال ابن كثير في تفسيره (٥/ ٤٩٥ - ط طيبة)(٧/ ٦٦٥ - ط ابن الجوزي): «أي: لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه؛ حتى ولا بإعارة ما ينتفع به، ويستعان به، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى».
وقد جمع عكرمة بين ما ثبت عن الصحابة في ذلك؛ فقال:«رأس الماعون: زكاة المال، وأدناه: المنخل، والدلو، والإبرة»، قال ابن كثير بعد إيراد قول عكرمة:«وهذا الذي قاله عكرمة حسن؛ فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة».