قلت: وهذا مرسل؛ قصر به من قصر؛ والصواب أن سلمة بن كهيل يرويه عن أبي مغيرة الأسدي علي بن ربيعة، عن ابن عمر متصلاً:
هكذا رواه أميرا المؤمنين في الحديث: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، قال شعبة: ثني سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا المغيرة - رجلاً من بني أسد -، قال: سألت عبد الله بن عمر عن الماعون؟ وهذا إسناد صحيح متصل.
وله إسناد آخر عن ابن مسعود، انظر: ما أخرجه الطبراني في الكبير (٩/ ٢٠٦/ ٩٠٠٥)
وقد صح هذا المعنى أيضاً عن ابن عباس موقوفاً عليه:
• رواه وكيع بن الجراح، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [الماعون: ٧]، قال: عارية المتاع. وفي رواية: الفأس والدلو.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٢١/ ١٠٦٣٢)(٦/ ٣٦٦/ ١٠٩٣٩ - ط الشثري)، وابن جرير في تفسيره جامع البيان (٢٤/ ٦٧٥)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (٣٥٥١)، والبيهقي (٤/ ١٨٣) و (٦/ ٨٨).
قلت: الأعمش لم يسمع من سعيد بن جبير إلا قليلاً، مثل حديث أبي موسى مرفوعاً:«ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله تعالى» [صحيح البخاري (٦٠٩٩ و ٧٣٧٨)، صحيح مسلم (٢٨٠٤)]؛ إنما يروي الأعمش غالباً عن سعيد بن جبير بواسطة، يدخل بينهما رجلاً، مثل: عمرو بن مرة، ومسلم بن عمران البطين، وحبيب بن أبي ثابت، ومسعود بن مالك، والمنهال بن عمرو. [انظر مثلاً: صحيح البخاري (١٣٩٤ و ١٩٥٣ و ٤٧٧٠ و ٤٨٠١ و ٤٩٧١ - ٤٩٧٣)، صحيح مسلم (٢٠٨ و ٧٠٥ و ٩٠٠ و ١١٤٨ و ١١٩٤)].
وليس هذا الحديث من الأحاديث التي نص ابن المديني على أن الأعمش قد سمعها من سعيد بن جبير:
قال ابن المديني:«إنما سمع الأعمش من سعيد بن جبير أربعة أحاديث: قال: صلى بنا ابن عباس على طنفسة، وحديث أبي موسى: «ما أحد أصبر على أذى من الله»، وقول ابن عباس: تسع أو خمس، وقول سعيد بن جبير: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر» [(١٣٦) تحفة التحصيل].
وليس هذا الحديث مما رواه شعبة عن الأعمش، وكان شعبة لا يحمل عن شيوخه إلا ما سمعوه من شيوخهم، لا سيما قتادة والأعمش وأبا إسحاق السبيعي، فقد قال فيهم: كفيتكم تدليس ثلاثة، ثم ذكرهم [معرفة السنن والآثار (١/ ٨٦)]، قال ابن حجر:«فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة: أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع، ولو كانت معنعنة» [طبقات المدلسين (٥٨)، النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٦٣٠ - ٦٣١)]