قلت: فعاد الحديث مرسلا؛ كما كان.
• ورواه موسى بن إسماعيل [أبو سلمة المنقري: ثقة ثبت]: حدثنا وهيب [هو: ابن خالد؛ ثقة ثبت]: حدثني رجل بمنى كان إلى جنب محمد بن أبي بكر [ثقة]، فسألت محمد بن أبي بكر عنه، فقال: هذا فلان بن فلان بن عبد الله بن زيد - صاحب الأذان -، فسألت ذلك الرجل، فحدثني عن أبيه؛ أن عبد الله بن زيد، تصدق بحائط له، فأتى أبواه النبي ﷺ، فقالا: يا رسول الله ما كان يقيم وجوهنا غيره، فرده النبي ﷺ على أبويه، ثم ماتا فورثهما بعده.
أخرجه أبو داود في المراسيل (١٢٦). [التحفة (١٢/ ٥٧١/ ١٩٦٠٨)].
قلت: وفي هذا الإسناد مبهمان: فلان بن فلان بن عبد الله بن زيد، عن أبيه.
• والحاصل: فإن هذا الحديث لا يثبت عن عبد الله بن زيد بإسناد متصل، وعامة أسانيده مراسيل.
• قال الترمذي: «سمعت البخاري، يقول: لا يعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إلا حديث الأذان»؛ يعني: لا يصح له حديث سوى حديث الأذان [تهذيب الأسماء واللغات (١/ ٢٦٨)، العدة شرح العمدة لابن العطار (١/ ٩٦)، المحرر (١٧٨)، التنقيح لابن عبد الهادي (٢/ ٥١)].
وقال الترمذي في الجامع (١٨٩) بعد حديث عبد الله بن زيد في رؤيا الأذان: «حديث عبد الله بن زيد: حديث حسن صحيح»، ثم قال: «ولا نعرف له عن النبي ﷺ شيئا يصح؛ إلا هذا الحديث الواحد في الأذان».
وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/١٣) عن إسناد حديث الأذان: «وليس في أسانيد أخبار عبد الله بن زيد إسنادا أصح من هذا الإسناد، وسائر الأسانيد فيها مقال».
وقال ابن عدي: «لا نعرف له شيئا يصح عن النبي ﷺ إلا حديث الأذان» [التهذيب (٢/ ٣٣٩)]
قلت: فهذه الأقوال من هؤلاء الأئمة النقاد: تدل على أنهم لا يرون صحة هذا الحديث عن عبد الله بن زيد في ميراث الصدقة، حيث لم يتصل له إسناد، وأنهم لا يصححون لعبد الله بن زيد سوى حديث الأذان، والله أعلم.
راجع تخريج حديث الأذان: في فضل الرحيم الودود (٥/ ٥٢٨/ ٤٩٩).
• وهذا الحديث قد رواه مالك في موطئه بلاغا:
روى مالك؛ أنه بلغه أن رجلا من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج، تصدق على أبويه بصدقة [وهما حيان]، فهلكا، فورث ابنهما المال، وهو نخل، فسأل عن ذلك رسول الله ﷺ، فقال: «قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ، وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ»، وفي رواية ابن بكير: «وخزها بميراثك».
أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٣٠٧/ ٢٢١٣ - رواية يحيى الليثي) (٣٠٠١ - رواية