أبي مصعب الزهري) (٣/ ٣٤٨/ ٢٧٤٥ - رواية ابن بكير)(٣١٠ - رواية الحدثاني)، ومن طريقه: ابن بشكوال في الغوامض (١/ ٤٠٦).
قال ابن بشكوال:«الرجل هو: عبد الله بن زيد بن عبد ربه؛ الذي أُري النداء».
قلت: قد ثبت في الباب: من حديث بريدة بن الحصيب، ومن حديث عبد الله بن عمرو.
و أخيراً: فإنا قد وجدنا أن أكثر بلاغات مالك في الموطأ لها أصل صحيح، وهذا كذلك من جهة النظر:
فقد روى عبد الكريم بن مالك [الجزري: ثقة متقن]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أعطيت أمي حديقةً [في] حياتها، وإنها ماتت فلم تترك وارثاً غيري؟ فقال رسول الله ﷺ:«وجبت صدقتك، ورجعت إليك حديقتك».
وهو حديث صحيح، وهو قريب من قصة عبد الله بن زيد مع أبويه؛ مع إرسالها.
فقد روى أبو بكر بن حزم؛ أن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جاء إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إن حائطي هذا صدقة، وهو لله ولرسوله، فجاء أبواه، فقالا: يا رسول الله كان قوام عيشنا، فردَّه رسول الله ﷺ عليهما، ثم ماتا فورثه ابنهما بعدهما. وهذ مرسل بإسناد صحيح.
وجاء من وجه آخر عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن زيد؛ كانت له أرض فجعلها صدقة، فقال أبواه: يا رسول الله، ما كان لنا مال يعيشنا غيرها، فجعلها رسول الله ﷺ بين أبويه، ثم ماتا، فورثهما عبد الله.
وهذ مرسل بإسناد صحيح.
ورواه عبيد الله بن عمر [العمري: ثقة ثبت]، عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد [لا يُعرف، ولم يدرك جده]، عن جده عبد الله بن زيد؛ أنه تصدق بحائط له، فأتى أبواه النبي ﷺ، فقالا: يا رسول الله، إنها كانت قيّم وجوهنا، ولم يكن لنا شيء غيره، فدعا عبد الله فقال:«إن الله تعالى قد قبل صدقتك، وردَّها على أبويك». قال بشير: فتوارثناها بعد ذلك.
وهذا مرسل بإسناد لا بأس به في المتابعات، والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ٤٠٦)(١٦/ ٣٥٩ - ط الفرقان): «وهذا الحديث في رجوع الصدقة بالميراث: روي من وجوه عن النبي ﷺ، أحسنها حديث بريدة الأسلمي»، ثم قال: على القول بجواز رجوع الصدقة إلى الوارث بالميراث: جمهور العلماء؛ على ما في هذا الخبر؛ إلا فرقة شذت، وكرهت ذلك، وفرقة استحبت للوارث أن يتصدق بها، لا معنى للاشتغال بحكاية قولها مع مخالفة السنة لها، وما توفيقي إلا بالله.