بريرة من الأنصار لتعتقها، واشترطوا عليها أن تجعل لهم ولاءها، فشرطت ذلك، فلما جاء نبي الله ﷺ أخبرته بذلك، فقال ﷺ:«إنما الولاء لمن أعتق»، ثم صعد المنبر، فقال، «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله». وكان لبريرة زوج، فخيرها رسول الله ﷺ: إن شاءت أن تمكث مع زوجها كما هي، وإن شاءت فارقته، ففارقته. ودخل النبي ﷺ البيت وفيه رجل شاة، أو يد، فقال ﷺ لعائشة:«ألا تطبخون لنا هذا اللحم»، فقالت: تصدق به على بريرة، فأهديته لنا، فقال، «اطبخوا؛ فهو عليها صدقة، ولنا هدية».
أخرجه البزار (١٢٩٤ - كشف الأستار)، وابن حبان (١١/ ٥٢٠/ ٥٢١)، والطبراني في الكبير (١١/ ٢٨٣/ ١١٧٤٤)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (١٢/ ٩٠/ ١٠٥).
قلت: شريك بن عبد الله النخعي: صدوق في الأصل؛ إلا أنه ساء حفظه، ومن سمع منه قديما فحديثه صحيح، ويحمل توثيق من وثقه على حديثه القديم، وهذا الحديث مما حدث به قديما، حدث به عنه من قدماء أصحابه من أهل واسط: إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، من قدماء أصحاب شريك، وممن كتب عنه من كتابه، قال موسى بن هارون الحمال:«وسماع إسحاق من شريك قبل سماع الحماني وعثمان بن أبي شيبة بدهر طويل»، وقال أبو داود في مسائله:«سمعت أحمد يقوم، عباد بن العوام وإسحاق - يعني: الأزرق - ويزيد: كتبوا عن شريك بواسط من كتابه، قدم عليهم في حفر نهر، قال أحمد: سماع هؤلاء أصح عنه؛ يعني: سماع أهل واسط» [مسائل أبي داود (١٩٩٢)، المدرج للخطيب (١/ ٤٥٤)، التهذيب (٢/ ١٦٤)، فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٩٠/ ٧٦٥) و (١٠/ ٤٥٠/ ٩٩٦)]
وهو غريب من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق، تفرد به عنه: تميم بن المنتصر الواسطي، وهو: ثقة ضابط.
قلت: وبهذا يظهر أن سماكا قد اضطرب في حديثه هذا عن عكرمة، فرواه مرة: عن عكرمة، عن عائشة، ورواه مرة: عن عكرمة، عن ابن عباس، كما اضطرب في متنه أيضا، فهو كما قال يعقوب بن شيبة:«وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح».
والمحفوظ عن سماك في قصة بريرة ما رواه قدماء أصحابه: شعبة وزائدة: عن سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه من طريقه مسلم.
• فإن قيل: قد رواه حبيب بن بشر - أخو أبي الوليد الطيالسي لأمه، قال، نا حماد بن مسعدة [بصري ثقة]، عن عمران بن حدير [ثقة ثقة، من أوثق شيوخ البصرة]، عن عكرمة، عن عائشة، قالت: كان في بريرة أربعة من السنة: