للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اثنين أولى من رواية واحد، ومع أنا لو سمحنا فلم نقل إن ذلك من كلام الأسود مقام رواية القاسم وعروة، لرجع الأمر إلى أن الأخبار يختلف فيها عن عائشة ، وإذا اختلفت الأخبار عن عائشة وتكافأت وجب الوقوف عن القول بها، وانفرد حينئذ خبر ابن عباس، وهو خبر لا معارض له من الأخبار بأن زوج بريرة كان عبداً، لخبر ابن عباس بروايته وباسم العبد ومواليه، وقد أحاطت العلل بخبر الأسود من حيث ذكرناه؛ رواية عروة والقاسم أولى من رواية الأسود عن عائشة ؛ لأن عائشة عمة أحدهما وخالة الآخر، وقد كانا يدخلان عليها في الليل والنهار بغير حجاب بينهما وبينها، ويقيمان ببلدها وهما محرماها، والأسود سماعه منها من وراء حجاب».

وقال البيهقي في الخلافيات: «ويقال، إن هذه اللفظة ليست من قول عائشة، إنما هي من قول الأسود بن يزيد، وقد صح وثبت من رواية القاسم بن محمد، وهو ابن أخيها، وعروة بن الزبير، وهو ابن أختها، وغيرهما عن عائشة، أن زوج بريرة كان عبداً حين أعتقت، وروايتهما مع غيرهما أولى؛ لقربهما من عائشة ، ولسماعهما للحديث شفاهاً داخل الستر، ولأن أبا عوانة وجرير بن عبد الحميد - وهما ثقتان - رويا هذا الحديث عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة ، وبينا أن هذه اللفظة من قول الأسود».

ثم قال، «قال عثمان بن سعيد الدارمي: سمعت علي بن المديني يقول لنا: أيهما ترون أثبت: عروة أو إبراهيم عن الأسود؟ ثم قال علي: أهل الحجاز أثبت.

يعني: أن رواية عروة وأمثاله من أهل الحجاز أصح من رواية أهل الكوفة، وبالله التوفيق».

وقال في السنن (٧/ ٢٢٤): «وقد روينا عن القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، ومجاهد، وعمرة بنت عبد الرحمن، كلهم عن عائشة : أن زوج بريرة كان عبداً».

وقال الدارقطني في العلل (٣٨٤٩): «الحجازيون أعلم بالحديث»، مرجحاً قول من قال، إنه كان عبداً.

وقال الحازمي في الاعتبار (١٣) في معرض ذكر وجوه الترجيح: «الوجه السابع عشر: أن يكون أحد الراويين جمع حالة الأخذ بين المشافهة والمشاهدة، والثاني أخذه من وراء حجاب، فيؤخذ بالأول؛ لأنه أقرب إلى الضبط وأبعد من السهو والغلط، ولهذا لما اختلف في زوج بريرة: هل كان حراً أو عبداً؟، فرواه القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، عن عائشة: أن بريرة أعتقت وكان زوجها عبداً، ورواه أسود بن يزيد عن عائشة: أن زوجها كان حراً، كان المصير إلى حديث القاسم وعروة أولى؛ لأنهما سمعا منها من غير حجاب».

والحاصل: فإن عبارة: وكان زوجها حراً، والتي وقعت في حديث الأسود عن عائشة، إنما هي مدرجة، وليست من قول عائشة، فمنهم من جعلها من قول الحكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>