ومنهم من جعلها من قول إبراهيم، ومنهم من جعلها من قول الأسود، وقد صح وثبت من رواية القاسم بن محمد، وهو ابن أخيها، وعروة بن الزبير، وهو ابن أختها، وغيرهما عن عائشة، أن زوج بريرة كان عبداً، وثبت ذلك أيضاً من حديث ابن عباس الذي تقدم تخريجه قبل حديث عائشة هذا، والله أعلم.
• وقد رواه حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: أنها اشترت بريرة، فأعتقتها واشترطت لأهلها أن الولاء لهم، فذكرت ذلك للنبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: «إنما الولاء لمن أعتق».
وقال لها: «يا بريرة، اختاري، فالأمر إليك، إن شئتِ عند زوجك، وإن شئت فارقتيه»، فقالت: الأمر إلى الله، قال لها: اتق الله، فإنه أبو ولدك، فاختارت نفسها.
وتُصدِّق عليها بصدقة، فأهدتها للنبي ﷺ، فقيل له: إنها صدقة تُصدِّق بها عليها، قال، «هي لها صدقة، ولنا هدية». قال إبراهيم: وكان زوجها حراً.
أخرجه الطحاوي في المشكل (١١/ ٢٢٣/ ٤٤٠١)، وفي أحكام القرآن (٢٠٦٢)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (٣/ ٣١٣). [وانظر في الأوهام: ما أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (٢/ ٨١٥)].
قلت: طرفاه الأول والثالث: محفوظان، وأما طرفه الثاني: فهو وهم من حماد بن أبي سليمان؛ لم يتابع عليه فقد رواه ثلاثة من كبار الحفاظ المتقنين، فلم يذكروا في هذا الطرف سوى أنها خُيّرت فاختارت نفسها، وهم: الحكم بن عتيبة، ومنصور بن المعتمر، وسليمان بن مهران الأعمش.
وقد تكلم في رواية حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، فقد كان كثير الخطأ والوهم. [انظر: التهذيب (١/ ٤٨٣)].
وفي رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان تخليط، قاله أحمد [سؤالات أبي داود (٣٣٨)، سؤالات الميموني (٤٦٥)، الجرح والتعديل (٣/ ١٤٧)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٦١)].
• وروى هذا الحديث عن حماد بن أبي سليمان أبو حنيفة النعمان بن ثابت [وهو ضعيف]، فأدرج قول إبراهيم.
• وقد روي هذا الطرف في صدقة بريرة من حديث: منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، ولا يثبت تفرد به عن منصور: شريك بن عبد الله النخعي، وهو: صدوق، سيئ الحفظ [أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (٢/١٢)].
[وأصله في الصحيح بطرف العتق والتخيير، دون طرف الصدقة] [رواه عن منصور بدونها: سفيان الثوري، والمفضل بن المهلهل، وأبو عوانة، وجرير بن عبد الحميد، وأبو المحياة يحيى بن يعلى] [أخرجه البخاري (٢٥٣٦ و ٦٧٥٤ و ٦٧٥٨ و ٦٧٦٠)، وأبو نعيم في مستخرجه على البخاري (٤٢٠)، وأبو داود (٢٢٣٥ و ٢٩١٦)، والترمذي (١٢٥٦