وَرَوَى أَحمد له في المسند (٤/ ١٣٧) حديثا آخر، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا أبو الزعراء عمرو بن عمرو، عن عمه أبي الأحوص، عن أبيه.
وقال ابن خزيمة: «أبو الزعراء هذا: عمرو بن عمرو ابن أخي أبي الأحوص، وأبو الزعراء الكبير: الذي روى عن ابن مسعود، اسمه: عبد الله بن هانئ».
وقال ابن حبان: «في هذا الخبر بيان واضح بأن الأخبار التي ذكرناها قبل في كتابنا هذا: أن اليد العليا خير من اليد السفلى؛ أراد به: أن يد المعطي خير من يد الآخذ، وإن لم يسأل، وأبو الزعراء هذا: هو الصغير، واسمه عمرو بن عمرو بن مالك ابن أخي أبي الأحوص، وأبو الزعراء الكبير: اسمه عبد الله بن هانئ، يروي عن ابن مسعود».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وشاهده: الحديث
المحفوظ المشهور عن عبد الله بن مسعود».
قلت: هو حديث صحيح، رجاله ثقات، أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي: ثقة، من الثالثة، سمع عبد الله بن مسعود، وأباه مالك بن نضلة [التاريخ الكبير (٧/ ٥٧)، الكنى لمسلم (٢٠٣)، الجرح والتعديل (٧/١٤)، التهذيب (٣/ ٣٣٧)].
وأبو الزعراء عمرو بن عمرو، أو: ابن عامر بن مالك، ابن أخي أبي الأحوص: كوفي، ثقة، من السادسة.
وعبيدة بن حميد: كوفي، صدوق، وحديثه هذا محفوظ، وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، واحتج به أبو داود، ولم يتفرد به عبيدة بن حميد، فقد توبع عليه؛ كما سيأتي بيانه في الشواهد، في حديث ابن مسعود.
وعليه: فهو حديث صحيح.
قال الدارقطني في الإلزامات (١١٠): «ويلزم مسلما إخراج حديث أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة، عن أبيه، عن النبي ﷺ؛ إذ كانت طرقها صحاحا، رواها أبو إسحاق السبيعي، وأبو الزعراء، وعبد الملك بن عمير، وغيرهم، عن أبي الأحوص، عن أبيه».
* وروي من وجه آخر: عن فطر بن خليفة [ليس بالثبت في أبي إسحاق، وله عنه أوهام. انظر: فضل الرحيم الودود (٨/ ١٤٢/ ٧٢٣) و (١٠/ ٣٧٩/ ٩٧٨) و (١٦/ ٤٦٢/ ١٣٩٨)]، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن أبيه مرفوعا بعدة أطراف، وموضع الشاهد فيه: فقلت: يا رسول الله إن الرجل يؤذيني أفأفعل به كما يفعل بي؟، قال: «لا، فإن اليد العليا خير من اليد السفلى».
أخرجه الطبراني في الكبير (١٩/ ٢٨٠/ ٦١٧).
وهو شاذ بهذا اللفظ.
* والمحفوظ في متنه: يا رسول الله أرأيت رجلا نزلت به فلم يكرمني ولم يقرني فنزل بي، أأجزه بما صنع؟، قال: «لا، بل أقره».