قلت: قد أثبت له السماع من أبيه: البخاري في التاريخ الكبير (٧/٣١)، وقال البخاري فيما نقله عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق [(٤٠/ ٢٤٧)]: «سمع: أباه، وأخاه عبد الله، وخالته عائشة، وأمه أسماء»، وتبعه على ذلك:
مسلم، فقال في الكنى (١٨٢٠): «سمع: أباه، وأخاه».
وأبو أحمد الحاكم، فقال في الأسامي والكنى (٥/٧٣/٣٦٩٨): «سمع: أباه، وعائشة أم المؤمنين خالته، وأخاه أبا بكر عبد الله بن الزبير الأسدي، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأبا محمد عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي».
وابن منده في الكنى، فقال في فتح الباب (٤٢٠٥): «سمع: أباه وأخاه، وعائشة».
وأبو نصر الكلاباذي، فقال في الهداية والإرشاد (٩٢٠): «سمع: أباه الزبير، وأخاه عبد الله بن الزبير، وأمه أسماء، وخالته عائشة بنتي أبي بكر الصديق، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، … »، وذكر جماعة.
وأثبت سماعه كذلك جماعة ممن بعدهم. [انظر: تهذيب الأسماء واللغات (٤٠٥)].
وأخرج له البخاري في صحيحه خمسة أحاديث غير حديثنا هذا (٢٣٦١ و ٢٣٦٢ و ٢٧٠٨ و ٤٥٨٥) و (٣٧٢١ و ٣٩٧٣ و ٣٩٧٥) و (٣٩٧٤) و (٣٩٩٨) و (٤٠٢٦) [انظر: التحفة (٣٦٣٣ - ٣٦٣٩)].
أما الحديث الأول فهو في قصة شراج الحرة، ويحكيها عروة حكاية، وهذا لا يقدح في اتصاله، حيث رواه البخاري مرة أخرى من حديث عروة عن أخيه عبد الله بن الزبير (٢٣٥٩ و ٢٣٦٠). [انظر: التحفة (٥٢٧٥)]، فاتصل الإسناد والحمد لله، وتبين بذلك أن عروة إنما أخذه من أخيه عبد الله، وإسقاطه بعد ذلك لا يضر، فهو يروي قصة في منقبة أبيه الزبير، حملها عن أخيه عبد الله.
وأما الحديث الثاني فلم يذكر عروة فيه رواية أيضاً، إنما يحكي منقبة لأبيه في مشاهده مع النبي ﷺ، وفي طرفه الأخير إشارة من عروة أنه أخذه عن أخيه عبد الله، والحديث الثالث طرف منه لكنه في صفة سيف أبيه.
وكذلك الحديث الرابع لم يذكر فيه رواية، إنما يحكي عن الزبير قوله في كيفية قتله عبيدة بن سعيد بن العاص يوم بدر، وفي آخره أيضاً ذكر أخيه عبد الله، فكأنه أخذه عنه.
وكذلك الحديث الخامس روى فيه عن الزبير، قوله في قسمة سهمان قريش يوم بدر.
والحاصل: فإن البخاري لم يخرج لعروة بن الزبير سماعاً له من أبيه الزبير، وأغلب الظن أنه سمع هذه الأحاديث من أخيه عبد الله، عن أبيه الزبير، فكان ثبته فيها عبد الله، أو يمكن حملها على سماعه من أبيه، فقد ثبت أنه سمع منه، والله أعلم.
ثم إن سن عروة يوم مات أبوه الزبير، لم يكن ليقصر عن سماعه من أبيه، فقد روى يحيى بن معين، قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا هشام بن عروة، أن عروة خرج يوم الجمل فاستصغروه، فردوه من الطريق [أخرجه ابن أبي خيثمة] في التاريخ الكبير (٢/