ورواه يحيى بن سعيد [عند أحمد (١٢١٣٤)]: عن الأخضر بن عجلان: حدثني أبو بكر الحنفي، عن أنس بن مالك، أن رجلاً من الأنصار أتى النبي ﷺ فشكا إليه الحاجة، فقال له النبي ﷺ:«ما عندك شيء؟»، فأتاه بحلس وقدح، وقال النبي ﷺ:«من يشتري هذا؟»، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال:«من يزيد على درهم؟»، فسكت القوم، فقال:«من يزيد على درهم؟»، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، قال:«هما لك»، ثم قال:«إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث: ذي دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع».
وقال روح [عند الحارث]: ثنا الأخضر بن عجلان التيمي؛ أنه سمع شيخاً من بني حنيفة يقال له: أبو بكر، يحدث عن أنس بن مالك؛ أن رجلاً من الأنصار أصابه هو وأهل بيته جهد، فدخل عليهم فوجدهم مصرعين من الجهد والجوع، فقال: ما لكم؟ قالوا: الجوع، أغثنا بشيء، فانطلق الأنصاري حتى أتى رسول الله ﷺ، فقال: يا نبي الله أتيتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يهلكوا أو يهلك بعضهم، فقال رسول الله ﷺ:«ما عندك شيء؟»، قال: ما عندي شيء، قال:«فاذهب فائت بما كان عندك من شيء»، فرجع الأنصاري فلم يجد إلا حلساً وقدحاً، فأتى به النبي ﷺ فقال: يا نبي الله، هذا الحلس والقدح كل شيء عندنا، أما الحلس فكانوا يفرشون طائفة منه ويلبسون طائفة، وأما القدح فكانوا يشربون فيه، فقال النبي ﷺ:«من يشتري هذا الحلس والقدح؟»، فقال رجل: يا رسول الله، أنا آخذهما بدرهم، فقال النبي ﷺ:«من يزيد على درهم؟»، قال أنس: فسكت القوم فقال: «من يزيد على درهم؟» فقال رجل: أنا آخذهما يا نبي الله باثنين، قال:«هما لك»، فأعطاه بدرهمين، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال:«اذهب فاشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إليهم، واشتر بأحدهما فأساً ثم ائتني به»، قال: فأتاه بفأس، فأخذها نبي الله ﷺ بيده، فقال:«هل عندك عصا أسندها لك فيه؟»، فقال: لا، والله ما هو عندي، فقال رجل من القوم يا نبي الله عندي نصاب عسى أن يوافقه، قال: فائت بها إن شئت، قال: فأتى بها، فأخذ نبي الله ﷺ الفأس فأثبتها في النصاب، ثم دفعها إلى الأنصاري، وقال له:«اذهب بهذه الفأس فاحطب ما وجدت من حلج أو شوك أو حطب، ثم احزم حزمتك، فائت بها السوق فبعها بما قضى الله لك، ثم لا تأتني ولا أراك خمسة عشر ليلة»، فجعل الرجل يغدو كل يوم يحطب، ثم يجيء بحطبه إلى السوق فيبيعه بثلثي درهم، حتى أتت له خمسة عشر ليلة، فأصاب فيها عشرة دراهم، ثم أتى نبي الله ﷺ فقال: يا نبي الله، قد جعل الله تعالى لي في الذي أمرتني به بركة، قد أصبت في خمسة عشر ليلة عشرة دراهم، فابتعت بخمسة دراهم للعيال طعاماً، وابتعت لهم كسوة بخمسة دراهم، فقال نبي الله ﷺ:«هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة في وجهك نكتة المسألة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: الذي دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع».
وفي لفظ لمعتمر [عند أحمد (١١٩٦٨)]: أن النبي ﷺ باع قدحاً وحلساً فيمن يزيد. وبنحوه مختصراً رواه علي بن عاصم [عند أبي عبيد].