ذمي، ويجوز أن يستأجر على حراستها وسوقها لما كانت تلك إجارة محضة.
وأما الغارم: فإنما تدفع إليه معونة على غرامته، وهو على وجه الصدقة».
وقال ابن قدامة في المغني (٦/ ٤٨١) بعد ذكر حديث أبي سعيد: «ذكر منهم الغارم، ولأنه إنما يقبل ضمانه وتحمله إذا كان ملياً، وبه حاجة إلى ذلك مع الغنى، وإن أدى ذلك من ماله لم يكن له أن يأخذ؛ لأنه قد سقط الغرم، والمطالبة قائمة، جاز له الأخذ؛ لأن الغرم باقي، والمطالبة قائمة، والفرق بين هذا الغرم والغرم لمصلحة نفسه أن هذا الغرم يؤخذ لحاجتنا إليه لإطفاء الثائرة، وإخماد الفتنة، فجاز له الأخذ مع الغنى، كالغازي والمؤلف والعامل، والغارم لمصلحة نفسه يأخذ لحاجة نفسه، فاعتبرت حاجته وعجزه، كالفقير والمسكين والمكاتب وابن السبيل».
وانظر: معالم السنن (٢/ ٦٣)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٤٢٢)، التجريد لأبي الحسين القدوري (٨/ ٤٢١٠)، الحاوي الكبير (٦/ ٣٤٣ و ٨/ ٥٠٧)، البيان والتحصيل (١٤/ ٦٥ و ١٨/ ٥١٧)، المسالك شرح الموطأ (٤/ ٨٣)، البيان للعمراني (٣/ ٤٢٢)، المغني (٦/ ٤٧٤).
قلت: مرسل عطاء بن يسار، أن رسول الله ﷺ قال:«لا تحل الصدقة لغني؛ إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين، فأهداها المسكين للغني».
قد احتج به مالك، والشافعي، وغيرهما؛ لدلالة القرآن على صحة معناه، كما يدل عليه العقل الصحيح، وعمل المسلمين.
قال ابن القيم في الزاد (١/ ٣٧٨): «والمرسل إذا اتصل به عمل، وعضده قياس، أو قول صحابي، أو كان مرسله معروفا باختيار الشيوخ، ورغبته عن الرواية عن الضعفاء والمتروكين، ونحو ذلك مما يقتضي قوته؛ عُمل به».
• قال ابن قدامة في المغني (٦/ ٤٨٤): « … الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: محتاج إليها، كالفقراء والمساكين، وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون، كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين».
وتبين بذلك أن الأصناف الأربعة الأخيرة، تشتمل على وصف مغاير لوصف الفقر والحاجة، فلا يشترط حتى يأخذوا من الزكاة أن يكونوا فقراء، وذلك لحاجة المسلمين إليهم؛ لأمانة العامل، وشجاعة الغازي وغنائه في القتال، وكون المؤلفة قلوبهم ممن يسمع لهم ويستجاب، فيدخل بطاعتهم في الإسلام القثام من الناس، والغارم لإصلاح ذات البين لما له من الوجاهة بين الناس، وهذه الأصناف يغلب عليهم الغنى، فيعطون من الزكاة لما يحصل بهم من المصالح ما لا يحصل بغيرهم؛ مع احتمال كونهم أغنياء، والله أعلم.
قال ابن قدامة في المغني فيما لا يشترط في العامل على الزكاة (٦/ ٤٧٤): «ولا [يشترط] كونه فقيراً؛ لأن الله تعالى جعل العامل صنفاً غير الفقراء والمساكين، فلا يشترط