للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٩٤): «واختلفوا في سهم سبيل الله ﷿:

فقالت طائفة: يُعطى الغازي منها وإن كان غنياً، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور. وقال أحمد: يجعل من الزكاة في سبيل الله.

وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد لا يعطى الغازي في سبيل الله، إلا أن يكون منقطعاً محتاجاً». قال أبو بكر ابن المنذر: هذا خلاف ظاهر القرآن والسُّنَّة، فأما الكتاب: فقوله: «في سبيل الله»، وأما السُّنَّة لقول النبي : «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة»، أحدها: «أو غاز في سبيل الله».

وقال في الإقناع (١/ ١٨٨): ولا يجزئ أن يعطى منها غني، ولا من له قوة يقوى بها على الكسب، ثبت أن نبي الله ، قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها، فأهدى منها لغني».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٥/ ٩٧): «وأجمع العلماء أن الصدقة المفروضة لا تحل لأحد من الأغنياء، غير من ذكر في هذا الحديث من الخمسة الموصوفين فيه».

وقال أيضاً (٥/ ٩٩) (٣/ ٥١٩ - ط الفرقان): «وأما الشافعي وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وسائر أهل العلم - فيما علمت - فإنهم قالوا: جائز للغازي في سبيل الله إذا ذهبت نفقته وماله غائب عنه، أن يأخذ من الصدقة ما يبلغه، قالوا والمحتمل بحمالة في صلاح وبر، والمتداين في غير فساد، كلاهما يجوز له أداء دينه من الصدقة، وإن كان الحميل غنياً فإنه جائز له أخذ الصدقة، إذا وجب عليه أداء ما تحمل به، وكان ذلك يجحف بماله، واحتج من ذهب إلى هذا الحديث بحديث قبيصة بن المخارق، وبظاهر حديث زيد بن أسلم هذا».

وقال الباجي في المنتقى (٢/ ١٥١): «قوله: «لا تحل الصدقة» يريد صدقة الأموال الواجبة فيها لا تحل لغني، ولم يرد الصدقة المبتذلة من غير وجوب؛ فإن تلك بمنزلة الهدية تحل للغني والفقير، وقوله : «إلا لخمسة»، ثم فسر فقال: «لغاز في سبيل الله» وذكرهم، فبين أن الصدقة تحل لهؤلاء الخمسة مع كونهم أغنياء، وإن كان وجه إباحة الصدقة لهم تختلف:

فأما الغازي: فمباحة له على وجه المعونة له على عدوه، وربما كان غناؤه يبلغ به العدد؛ إلا أنه لا يبلغ منه ما يقوى به في نهاية فراهة فرسه وجودة سلاحه وآلته، وليس كل غني يبلغ به المراد من ذلك، وقد يكون عنده من الغنى ما يبلغه النهاية من ذلك، إلا أنه يضر بحاله في المستقبل، فيمتنع من ذلك إبقاء لماله، والمسلمون محاويج إلى غزوه ونصرته، وأبيح له أخذ الصدقة ليبلغ من غزوه بها ما لا يبلغه بماله.

وأما العامل عليها فإنه يأخذها على وجه العوض من عمله والصدقة عليه، وليست لمجرد الإجارة، ولذلك لا يجوز أن يستعمل عليها من لا يحل له أخذها من هاشمي أو

<<  <  ج: ص:  >  >>