وحاصل ما تقدم من الاختلاف في هذا الحديث:
أ - رواه مالك، والثوري، وإسماعيل بن أمية، وسفيان بن عيينة [وهم ثقات حفاظ، فيهم أحفظ الناس وأثبتهم؛ مالك والثوري]: رووه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار مرسلاً.
ووجه آخر عن الثوري، رواه ابن مهدي عن سفيان، عن زيد بن أسلم، قال: حدثني الثبت؛ أن رسول الله ﷺ. وهو محفوظ عن الثوري، واشتهر عند النقاد.
ب - خالفهم فوهم بوصله، وسلوك الجادة: معمر بن راشد [ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، ويهم في حديث غيرهما]، فرواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعاً.
والمحفوظ فيه المرسل.
قال ابن أبي حاتم في العلل (٦٤٢): «سألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: «لا تحل الصدقة إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله، أو رجل عامل عليها، أو غارم، أو غاز في سبيل الله تعالى، أو رجل له جار فيتصدق عليه فيهدي له».
فقالا: هذا خطأ، رواه الثوري، عن زيد بن أسلم، قال: حدثني الثبت، قال: قال رسول الله ﷺ. وهو أشبه.
وقال أبي: فإن قال قائل: الثبت من هو، أليس هو عطاء بن يسار؟ قيل له: لو كان عطاء بن يسار لم يكن عنه.
قلت لأبي زرعة: أليس الثبت هو عطاء؟ قال: لا، لو كان عطاء ما كان يكني عنه. وقد رواه ابن عيينة، عن زيد، عن عطاء، عن النبي ﷺ، مرسل.
قال أبي: والثوري أحفظ».
وقال أبو داود في السنن بعد أن أسند مرسل مالك، ثم أتبعه بموصول معمر: «ورواه ابن عيينة، عن زيد، كما قال مالك. ورواه الثوري، عن زيد، قال: حدثني الثبت، عن النبي ﷺ؛ فكأنه مال إلى ترجيح قول الجماعة بالإرسال.
وقال الدارقطني في العلل (١١/ ٢٧٠/ ٢٢٧٩): حدث به عبد الرزاق، عن معمر، والثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد. قاله ابن عسكر عنه.
وقال غيره: عن عبد الرزاق، عن معمر وحده، وهو أصح.
وروى هذا الحديث عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري، عن زيد بن أسلم، قال: حدثني الثبت، عن النبي ﷺ. ولم يسم رجلاً، وهو الصحيح».
• وتفسير أحمد لهذا الحديث عن أبي سعيد لا يعني صحته عنده؛ فإن المحفوظ فيه الإرسال، ولا يخفى مثله على أحمد، قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (٣٢٥٦): «قلت لأحمد: أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تحل