هؤلاء جميعا عن حديث هشام بن سعد؛ لو كان ثابتا متصلا؛ فكيف ولم نجده في مصدر مسند، فضلا عن غرابته وعدم ثبوته عن هشام بن سعد، ثم عن ابن وهب، والله أعلم.
ولم أر من تكلم في إسناده ممن هو دون هشام بن سعد؛ سوى عثمان بن صالح السهمي المصري، وهو: في الأصل صدوق؛ لكن قال أبو زرعة:«لم يكن عندي عثمان ممن يكذب، ولكنه كان يكتب الحديث مع خالد بن نجيح، وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبلوا به»، وقال أبو حاتم:«كان عثمان بن صالح شيخا صالحا سليم الناحية»، قيل له كان يلقن؟ قال:«لا، قال: ضاع لي كتاب عن ابن لهيعة عن أبي قبيل، ثم دللت على صاحب ناطف فاشتريت منه بكذا فلسا، أو قال: كذا حبة»، فقيل له: ما حاله؟ قال:«شيخ»، وقال ابن معين، والدارقطني:«ثقة»، وإنما انتقى له البخاري من حديثه ما أصاب فيه، ولم يكثر عنه؛ فلم يخرج له سوى ثلاثة أحاديث، قال ابن حجر في الهدي: «والحكم في أمثال هؤلاء الشيوخ الذين لقيهم البخاري، وميز صحيح حديثهم من سقيمه، وتكلم فيهم غيره؛ أنه لا يدعي أن جميع أحاديثهم من شرطه؛ فإنه لا يخرج لهم إلا ما تبين له صحته، والدليل على ذلك: أنه ما أخرج لعثمان هذا في صحيحه سوى ثلاثة أحاديث، أحدها متابعة في تفسير سورة البقرة [سؤالات ابن الجنيد (٥٦٢)، صحيح البخاري (٣٨٧٠ و ٤٥١٤ و ٤٥١٥ و ٧١٧٥)، سؤالات البرذعي (٢/ ٤١٨)، الجرح والتعديل (٦/ ١٥٤)، علل الحديث (٥٥٧ و ١٢٣٢ و ١٩٤٥ و ٢٣٣٧ و ٢٣٣٨ و ٢٣٤٨ و ٢٦٠٦)، الثقات (٨/ ٤٥٣)، سؤالات الحاكم (٤٠٩)، هدي الساري (٢/ ١١٢٩)، التهذيب (٣/ ٦٣)، وغيرها].
قلت: فلا أراه يثبت من حديث ابن وهب، حيث تفرد به عنه عثمان بن صالح دون بقية أصحابه على كثرتهم. [انظر في أوهام عثمان: علل الحديث (٥٥٧ و ١٢٣٢ و ١٩٤٥ و ٢٣٣٧ و ٢٣٣٨ و ٢٣٤٨ و ٢٦٠٦)، علل الدارقطني (٩/ ٣٥٨/ ١٨٠٤) و (١١/٣٥/٢١٠٨) و (١٢/ ٢٨٨/ ٢٧٢٠) و (١٢/ ٢٩٠/ ٢٧٢١) و (١٥/ ٣٢٧/ ٤٠٦٠)، أطراف الغرائب والأفراد (١١٢١ و ١١٢٣ و ١١٥٥ و ٢٠٩٧ و ٥٦٣٩)، فضل الرحيم الودود (٦/ ٥٠٩/ ٥٦) و (١١/ ٤٣٥/ ١٠٧٨) و (١٦/ ٤٧١/ ١٣٩٨) وما تحت الحديث رقم (١٥٩٧)].
فلعله مما أدخله عليه خالد بن نجيح، وهو معروف بوضع الحديث، وكان من أصحاب عثمان بن صالح، قال أبو حاتم: كان يصحب عثمان بن صالح المصري وأبا صالح كاتب الليث وابن أبي مريم»، وقال:«هو كذاب، كان يفتعل الأحاديث، ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح يتوهم أنه من فعله» [سؤالات البرذعي (٢/ ٤٤٧)، الجرح والتعديل (٣/ ٣٥٥) و (٥/ ٨٧)، تاريخ الإسلام (٥/ ٦٦ - ط الغرب)، اللسان (٣/ ٣٤٢)]، والله أعلم.
إضافة إلى ذلك؛ فقد قال أبو الشيخ الأصبهاني في ترجمة سمويه:«وكان حافظا متقنا، وغرائب حديثه تكثر» [طبقات المحدثين (٣/ ٦٤)]؛ فلعل هذا من غرائبه.