للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكسب، ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله، فتكون له المسألة بالحاجة.

وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك، وهو أنه إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة، وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله، ولا كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله، فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته.

وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه، حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش، فبين بذلك أن المعنى فيه كفايته وكفاية عياله، فإذا كان له كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله، فقد أصاب قواما من عيش، فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة، وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله أو مال، فإن بلغ نصابا لا يقوم بكفايته وكفاية عياله، فله أخذ الصدقة من غير تقدير، حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش.

ثم قال: «والذي ذكر من حديث ابن مسعود عن النبي : «من سأل وله مال يغنيه، جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش أو خدوش أو كدوح»، فقيل: وما الغنى يا رسول الله؟

قال: «خمسون درهما، أو قيمتها من الذهب»، تفرد به حكيم بن جبير، وليس بالقوي».

ثم ذكر بقية أحاديث حد الغنى، ثم قال: «وكل ذلك متفق في المعنى، وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية، ثم إنها تختلف باختلاف الناس، فمنهم من يغنيه خمسون، ومنهم من يغنيه أربعون، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه، ولا عيال له فهو مستغن به، فلا يكون له أخذ الصدقة»؛ إلى آخر ما قال.

وقال في شرح حديث قبيصة في الخلافيات (٥/ ٣٣٤): «وهذا في رجل عرف بالغنى، فأصابته جائحة، فلا يعطى حتى يشتهر بأن قد أصابته ما يدعي من الجائحة والفاقة، ثم لم يوقت فيما يعطى قدر النصاب، وأحل له المسألة حتى يعطى ما يقوم بكفايته، ويكون سدا لحاجته».

وقال في حديث حكيم بن جبير (٥/ ٣٣٧): «وهذا الحديث إن ثبت، دل على أن الاعتبار في قدر ما يعطى بما يقوم بكفايته، ويكون فيه غناه، سواء نقص عن قدر النصاب أو زاد عليه.

وفي هذا المعنى: ما روينا عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد، أن النبي قال: «من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافا».

وروينا عن سهل ابن الحنظلية، عن النبي ، أنه قيل: ما الغنى الذي لا ينبغي معه المسألة؟ قال: «أن يكون له شبع يوم وليلة».

وليس شيء من هذه الأحاديث مختلف، وكأن النبي علم ما يغني كل واحد منهم، فجعل غناه به، وذلك لأن الناس يختلفون في قدر كفايتهم، فمنهم من يغنيه خمسون درهما، لا يغنيه أقل منها، ومنهم من يغنيه أربعون درهما، لا يغنيه أقل منها، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه، ولا عيال له، فهو مستغن به، فإن لم يقع له

<<  <  ج: ص:  >  >>