مكتسب»، فقال: هذا أجودها إسناداً. ثم قال: قد يكون قوياً، ولا يكون مكتسباً، لا يكون في يده حرفة، ولا يقدر على شيء، فهذا تحل له الصدقة، وإن كان قوياً إذا كان غير مكتسب. فإن كان يقدر على أن يكتسب فهو مضيق عليه في المسألة، فإذا غيب عليك أمره فلم تدر أيكتسب أم لا؛ أعطيته وأخبرته بما يحرم عليه.
قال أبو بكر: وسمعته يسأل عن قوله: «ذي مرة قوي»، قال: هو الصحيح، ثم قال: ما أحسنه وأجوده من حديث؛ يعني: «حديث عبيد الله بن عدي ابن الخيار» [التمهيد (٤/ ١٢٠)، الفروع (٦/ ٣٠٤)، المعونة (١١/ ١٢٥)].
وقال الأثرم: وسمعت أبا عبد الله، يقول: لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة، على حديث قبيصة بن المخارق: «حتى يصيب قواماً أو: سداداً من عيش». قيل له: ما السداد؟ قال: ما يعشيه.
قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: رجل سأل وهو ممن تحل له المسألة، فجاءه رجل بمائة درهم؟ فقال: هذا رزق ساقه الله إليه، فإن كان من الزكاة فهذا يضيق على المعطي والمعطى، فإن كان من عرض ماله فلا بأس به.
قال أبو عبد الله: لا يأخذ من الصدقة من له خمسون درهماً، ولا يأخذ منها أكثر من خمسين درهماً.
قيل له: وما الأصل في أن لا يعطى أكثر من خمسين؟
قال: لأنه إذا أخذ خمسين صار غنياً، إلا أن يكون له عيال، أو يكون غارماً، أو يكون عليه دين.
ثم قال: حديث عبد الله بن مسعود في هذا حديث حسن، وإليه نذهب في الصدقة.
قال الأثرم: قلت له: ورواه زبيد، وهو لحكيم بن جبير فقط؟
فقال: رواه زبيد، فيما قال يحيى بن آدم سمعت سفيان، يقول: فحدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. قلت لأبي عبد الله: لم يخبر به محمد بن عبد الرحمن؟ فقال: لا.
قال: وسمعته، وذكر أبو سعيد الخدري عن النبي ﷺ: «من سأل وله أوقية، أو قيمة أوقية فهو ملحف». فقال: هذا يقوي حديث عبد الله بن مسعود.
قيل لأبي عبد الله: من حديث من هو؟ فقال: من حديث عمارة بن غزية، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه.
قال: قلت: فإن كان رجل له عيال؟ قال: يعطي كل واحد منهم خمسين خمسين، ومن كان له خمسون لم يعط منها شيئاً، وإن كان له دون خمسين بلغ الخمسين. قيل له: فإن كانت الخمسون لا تكفيه من سنة إلى سنة، إنما تكفيه ثلاثة أشهر، أو نحوها، وهو يشتهي ألا يحوجه إلى أحد. فقال: لا ينبغي أن يعطيه أكثر من خمسين.
فقلت أنا للذي سأله: إذا فنيت الخمسون أعطاه خمسين أخرى؟ قال: نعم، إذا فنيت