وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٥٦٧): «سألت أبي عن رجل له قرابة وجيران من أهل التحمل، ليس له ما يغنيهم ويعيشهم، هل يعطيهم من زكاة ماله، ويكون لأحدهم العقدة إن باعها قد يزجى بها، وليس بها فضل يقيمه، هل يعطى من الزكاة؟
قال: لا يعطى من الزكاة أكثر من خمسين درهماً؛ إلا أن يكون على المعطى دين فيقضي دينه، أو يكون له عيال؛ فيعطى كل عيل خمسين درهماً» [وانظر أيضاً: (٥٦٦ و ٥٦٨ و ٥٦٩ و ٥٧١ - ٥٧٣)].
وقال أيضاً (٥٧٠): «قلت لأبي: متى لا يحل للرجل أن يأخذ من الزكاة؟ قال: إذا كان عنده خمسون درهماً أو حسابها من الذهب، لم يحل له أن يأخذ منها.
قلت لأبي: إن الشافعي يقول: يأخذ من الزكاة وإن كان عنده ألف دينار. قال: قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: ٦٠]، فإذا أخذ الرجل خمسة آلاف فمتى يصير إلى الفقير شيء؟ أذهب فيه إلى حديث حكيم بن جبير، وقد رواه زبيد، وقد روي عن سعد وابن مسعود وعلي: من كان له خمسون درهماً غنا».
قلت: كلها ضعيفة، حديث ابن مسعود، وأثر سعد وابن مسعود وعلي؛ فلا يعتمد عليها في إثبات حكم شرعي مما تعم به البلوى.
وقال أيضاً (٥٧٤): «سألت أبي عمن كان صحيح البدن تحل له الصدقة؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس».
وقال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (٢٧٨): «وسألته عن قوله: «الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي»؟ فقال: المرة السوي: الذي ليس به علة، يقول: أن يعتمل؛ لأن النبي ﷺ قال: «لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب»، فقد يكون قوياً لا يتوجه للكسب».
ونقل عيسى بن جعفر: سألت أبا عبد الله، قلت: الرجل له الضيعة يغل منها ما يقوته ثلاثة أشهر من أول السنة، يأخذ من الصدقة؟ قال: إذا نفدت [طبقات الحنابلة (٢/ ١٨٠)].
وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - يسأل عن المسألة، متى تحل؟ فقال: إذا لم يكن عنده ما يغديه ويعشيه على حديث سهل ابن الحنظلية.
قيل لأبي عبد الله: فإن اضطر إلى المسألة، قال: هي مباحة له إذا اضطر.
قيل له: فإن تعفف؟ قال: ذلك خير له. ثم قال: ما أظن أحداً يموت من الجوع، الله يأتيه برزقه. ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري: «من استعف أعفه الله»، وحديث أبي ذر أن النبي ﷺ قال له: «تعفف».
قال: وسمعت أبا عبد الله، وذكر حديث عبيد الله بن عدي ابن الخيار عن رجلين أتيا النبي ﷺ فسألاه عن الصدقة، فقال لهما: «إن شئتما، ولا حق فيها لغني ولا لقوي