[محمد بن ميمون السكري المروزي: ثقة ثبت، وابن شقيق من أصح الناس حديثاً عنه]، عن الشعبي، عن حبشي بن جنادة السلولي، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من سأل الناس في غير مصيبة حاجته، فكأنما يلتقم الرضفة».
أخرجه الطبراني في الكبير (٤/١٤/٣٥٠٥)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي [مطين: ثقة حافظ]: ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق به.
قلت: هذا حديث غريب جداً، يبدو أنه دخل فيه حديث في حديث، أو انتقل بصر الناسخ، فركب إسناداً على إسناد، أو سقط من إسناده رجل بين أبي حمزة والشعبي. أبو حمزة محمد بن ميمون السكري المروزي: غير معروف بالرواية عن الشعبي، بل لم يدركه؛ فإن بين وفاتيهما ما يقرب من خمسة وستين عاماً، إنما يروي عن أصحاب الشعبي، مثل: مطرف بن طريف، وعاصم بن سليمان الأحول، وجابر بن يزيد الجعفي المتهم. وأما أبو حمزة الذي يروي عن الشعبي، فإما أن يكون: ثابت بن أبي صفية الثمالي، وهو: كوفي ضعيف [التهذيب (١/ ٢٦٤)]، أو يكون هو: أبو حمزة ميمون الأعور القصاب الكوفي الراعي، وهو: ضعيف، تركه بعضهم [التهذيب (٤/ ٢٠٠)]، والله أعلم.
والحاصل: فإن هذا الحديث غلط، ولا يثبت عن الشعبي.
• والمحفوظ في هذا الحديث عن الشعبي:
هو ما رواه داود بن أبي هند [ثقة متقن، من أصحاب الشعبي]، عن الشعبي [عامر بن شراحيل: إمام علم مشهور، فقيه أهل الكوفة]، قال: قال عمر: «من سأل الناس ليثري ماله، فهو رضف من جهنم يتلقمه، فمن شاء استقل، ومن شاء استكثر». موقوف.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١٧٤٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٢٥/ ١٠٦٧٥)(٦/ ٣٧٩/ ١٠٩٨٣ - ط الشثري)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٨٥ - ٨٨ - مسند عمر)، وابن حبان في روضة العقلاء (١٤٥). [الإتحاف (١٢/ ٢١٤/ ١٥٤٣٧)، المسند المصنف (٢٢/ ١٨٤/ ١٠٠٢٤)].
وهذا موقوف على عمر بإسناد منقطع؛ قال أبو زرعة وأبو حاتم:«الشعبي عن عمر: مرسل» [تحفة التحصيل (١٦٤)].
ومراسيل الشعبي قوية، فقد قال العجلي:«مرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحاً»، وقال الآجري لأبي دواد:«مراسيل الشعبي أحب إليك أو مراسيل إبراهيم؟ قال: مراسيل الشعبي» [معرفة الثقات (٢٣٢١)، سؤالات الآجري (١/ ٢١٩)، تاريخ دمشق (٢٥/ ٣٤٦)].
رواه عن داود بن أبي هند عن الشعبي هكذا منقطعاً، موقوفاً على عمر: يزيد بن زريع، وبشر بن المفضل، ويزيد بن هارون، وخالد بن عبد الله الواسطي الطحان، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وابن أبي عدي، وأبو معاوية محمد بن خازم، وهم ثقات أكثرهم أثبات.