لكن لما كان له شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو، يشهد لثبوته، وكونه حديثا محفوظا، فإنه يغلب على الظن كون هذا المبهم صحابيا لا سيما مع اتصال سنده، وثقة رجاله، واستقامة متنه؛ فهو حديث صحيح، والله أعلم.
٣ - حديث طلحة بن عبيد الله:
رواه محمد بن عقبة السدوسي [وعنه: الحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وهما: حافظان كبيران]، وسليمان بن داود الشاذكوني:
حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي، عن نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي ﷺ قال: «لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي».
أخرجه أبو يعلى في المعجم (٨)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٧٤٤ - الجزء المفقود)، وابن عدي في الكامل (١/ ٥١٤).
قال ابن جرير: «وهذا خبر عندنا صحيح سنده، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح، لعلل:
إحداها: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن طلحة عن النبي ﷺ إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد، وجب التثبت فيه.
والثانية: أن راويه: أبو أمية بن يعلى، وأبو أمية عندهم ممن لا يجب بنقله حجة.
والثالثة: أن ناقله عنه: سليمان الشاذكوني، وهو عندهم غير مرضي في نقله.
وقد وافق طلحة في رواية هذا الخبر، عن رسول الله ﷺ جماعة».
وقال ابن عدي: «وهذا الحديث بهذا الإسناد، لا أعلم رواه عن نافع غير أبي أمية بن يعلى»، وختم ترجمة أبي أمية بعد أن ذكر له جملة من مناكيره: «ولأبي أمية بن يعلى غير ما ذكرت من الحديث، وهو في جملة الضعفاء، وهو ممن يكتب حديثه».
• وسئل الدارقطني في العلل (٤/ ٢٠١/ ٥٠٧)، عن حديث ابن عمر، عن طلحة، عن النبي ﷺ، قال: «لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي»، فقال: «رواه القاسم بن محمد المروزي، عن محمد بن عقبة، عن أبي أمية بن يعلى، عن نافع، عن ابن عمر، عن طلحة. ووهم فيه.
وغيره يرويه، عن أبي أمية بن يعلى، عن نافع، عن أسلم مولى عمر، عن طلحة. وهو أشبه بالصواب».
قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به عن نافع مولى ابن عمر دون بقية أصحابه على كثرتهم الكاثرة؛ أبو أمية بن يعلى الثقفي، وهو: إسماعيل بن يعلى، أبو أمية الثقفي البصري، وهو: متروك، منكر الحديث [اللسان (٢/ ١٨٦)].
ومحمد بن عقبة السدوسي: ضعيف، شبه المتروك، قال أبو حاتم: «ضعيف الحديث، كتبت عنه، ثم تركت حديثه، فليس نحدث عنه»، وترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأه، وقال: «لا أحدث عنه»، نقله ابن أبي حاتم، وقال البرذعي لأبي زرعة: «قلت:
